توقيت مريب

توقيت مريب

محمد الطوير ـ تنبئ التطورات الأخيرة المسجلة على الساحة اللبنانية بأن الوضع في بلد الأرز مرشح لمزيد التعقيد والتصعيد خصوصا في ضوء حادثة الهجوم النسائي على فريق محققي المحكمة الدولية الخاصة المكلفة بالبحث في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل سعد الحريري في عيادة طبية خاصة بالنساء في الضاحية الجنوبية لبيروت وما أعقبها من ردود أفعال سواء من جانب الأطراف اللبنانية المختلفة أو على المستوى الدولي.

ودون الخوض في تفاصيل ردود الفعل تلك، لا بد من الاشارة إلى التوقيت المريب الذي وقعت فيه الحادثة المذكورة إذ تزامنت مع انطلاق حملة أمريكية جديدة ضد سوريا تتهمها بالسعي لزعزعة الاستقرار في لبنان والمنطقة بعدما كانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بالذات قد أشادت قبل أيام بالسياسة الجديدة التي تنتهجها دمشق سواء في التقريب بين اللبنانيين أو فيما يتعلق بالموقف من العراق، ما يدفع إلى التساؤل عما إذا لم يكن الأمر يتعلق بعملية منسقة هدفها الأول والأساسي عرقلة المساعي والاتصالات العربية الجارية والتي تقودها المملكة العربية السعودية وسوريا لصيانة السلم والامن في لبنان على قاعدة الاحترام المتبادل وتغليب المصلحة الوطنية على ما عداها من مصالح حزبية أو سياسية ضيقة من جانب مختلف الأطراف اللبنانية. ولعل ما يرجح هذا الاعتقاد أنه لم يجد جديد في الموقف السوري الرسمي يؤشر لحدوث تغيير ما، فيما يبدو اختيار المحكمة الدولية الخاصة عيادة طبية نسائية كمادة لتحقيقاتها مثيرا للاستغراب، لكون احتمالات وجود أية علاقة بينها وبين جريمة اغتيال الحريري مستبعدة إلى أقصى الحدود إن لم تكن مستحيلة. إن الواضح أن لبنان يتعرض لمؤامرة تستهدف ضرب الوحدة الوطنية فيه والتي تحققت بفضل نضال أبنائه ومقاومتهم للاحتلال الاسرائيلي وإرغامهم إياه على الخروج مهزوما صاغرا من أراضيهم، وهي مؤامرة شبيهة الى حد بعيد- على ما يظهر - بتلك التي ضلع فيها المفتشون الدوليون عن أسلحة الدمار المزعومة في العراق، حيث تبين لاحقا أن معظمهم كانوا جواسيس لأمريكا وقوات التحالف التي غزت بلاد الرافدين. ولا شك أن في مقدور لبنان إحباطها عبر محاولة نسيان جراح الماضي القريب والاستعاضة عن محاولات الاستقواء بالخارج بتكريس الحوار البناء بين مختلف أطيافه.