في عرض رسائل البحر لداوود عبد السيد رسائل في كل اتجاه وجمهور الكوليزي يصفق لأحد المشاهد

في عرض رسائل البحر لداوود عبد السيد رسائل في كل اتجاه وجمهور الكوليزي يصفق لأحد المشاهد

عرض ليلة أول أمس الجمعة 29 اكتوبر فيلم داوود عبد السيد «رسائل البحر» المشارك في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية وسط حضور جماهيري كبير غمر مخرج العمل بتصفيقه و زاد ترحيبه حرارة حين أطلت النجمة المصرية بسمة مرتدية فستانا قصيرا مع كعب عال... وأرجع بعض الحاضرين الاهتمام المفرط ببسمة لفستانها المثير إلا أن مضمون الفيلم فيما بعد كان له رأي آخر...

مع انطلاق المشاهد الأولى للشريط خيم الصمت على قاعة الكوليزي وكعادته استطاع داوود عبد السيد شد المشاهدين إلى عالمه السحري فغابت الهمهمات والأحاديث الجانبية في قاعة طالما سمعنا روادها خلال العروض الأخرى المبرمجة في «الأيام» يتحادثون بعيدا عن العرض المقترح. رسائل البحر... رسائل الحياة لم تكشف تفاصيل «رسائل البحر» إلا عن رسالة واحدة حملتها مياه الإسكندرية إلى الشاطئ ليلتقطها «يحي» بطل العمل... رسالة كتبت بحروف لاتينية وبلغة يجهلها الجميع... إلا أن هذه الرسالة المادية غير المفسرة كانت رمزية وذات دلالات عميقة وجهها داوود لبطله يحي (اسر ياسين) الذي يحاول تشكيل حياة جديدة بعد رحيل أهله فيجد في وحدته الحرية التي طالما افتقدها في أجوائه العائلية و ينطلق تاركا القاهرة في اتجاه الإسكندرية مسرح أحداث فيلم داوود عبد السيد. شخصيات متأزمة... سعيدة المعاناة والقيود والعجز صفات لا تغيب عن شخصيات أفلام داوود عبد السيد وفي» رسائل البحر» تنعكس مجددا هذه الخيارات من خلال الثلاثي المحوري للقصة يحي (اسر ياسين) نورة (بسمة) وقابيل (محمد لطفي). فــ«يحي» يعاني من صعوبة في الكلام «التأتأة» ممّا يجعله سخرية في عمله من قبل زملائه ومرضاه ويتحول إلى طبيب مع وقف التنفيذ ممتهنا الصيد في بحر الإسكندرية أين يلتقي عددا من الشخصيات و يمارس سلوكيات لم تخطر على باله من قبل ومن بين هذه المشاهد شربه الخمر لأول مرة وهي الخطوة التي أذابت للحظات إعاقة يحي وجعلته يتحدث بطلاقة... صورة ذكرتنا برائعة داوود عبد السيد «الكيت كات» حين ركب الشيخ حسني الأعمى (محمود عبد العزيز) دراجة هوائية وانطلق يجوب الشوارع سعيدا بحياة لم يخترها. هذا الدور أكد موهبة الممثل اسر ياسين الذي اعتبره الكثيرون محظوظا في بدايته بعد أن جسد بطولة فيلم «الوعد» مع محمود ياسين في أول ظهور فني له إلا أن اسر كان دقيقا في اختياراته أهمها «رسائل البحر» الفيلم المكتوب لأحمد زكي غير أن مرض هذا الممثل ووفاته حالت دون تجسيده للعمل. نورة زوجة ثانية لرجل ثري ، أيامها تمر متشابهة تشعرها أنها مجرد مومس لرجل واحد و تعجز عن تغير الإيقاع الحزين لحياتها، هذا الدور سيشكل منعرجا هاما في مسيرة الممثلة المصرية بسمة إذ مكنها فيلم داوود عبد السيد من ولوج مناطق في أدائها لم تعكسها أعمالها السينمائية السابقة وقدمت مشاهد جنسية مع بطل العمل دون أن تثير إلا الإعجاب لإحساسها الراقي. أما قابيل الذي أقسم أن لا يضرب أحدا بعد أن تسبب في موت رجل فلم تحمه قوته الجسدية من الشعور بالخوف والعجز الذي ظهر في مرضه بالصرع وضرورة إجرائه لعملية قد تفقده الذاكرة ولعل مشهد تلقينه لحبيبته بيسة (مي كساب) أسماء أخواته وأصدقائه حتى لا يتهموه بالتعالي حين ينساهم كان أكثر المشاهد تأثيرا في آخر أعمال داوود عبد السيد حيث رافقه التصفيق الشديد من قبل جمهور الكوليزي ليلة أول أمس إعجابا بأداء الممثل الكوميدي محمد لطفي الذي جسد أفضل أدوار حياته الفنية. رسائل في كل اتجاه فيلم «رسائل البحر» لم يتجاوز مدة عرضه الساعة والنصف و مع ذلك ألمّ مخرجه بكل خيوط القصة فلم يكتف بتصوير ملامح أبطاله الرئيسين كما لم يهمش بقية الشخصيات حتى الكومبارس عند داوود عبد السيد كان يحمل في جرابه رسالة. ومن بين أهم القضايا التي عالجها «رسائل البحر» معاملة البوليس المصري المهينة للمواطنين والتي عكسها مشهد احتجاز يحي في السجن و يده مقيدة في أعلى الحائط وكأنه احد عبيد القرن الثامن عشر كما عكس عبد السيد ظاهرة الشذوذ من خلال شخصية «كارلا» - أدتها باقتدار سامية أسعد- حبيبة البطل السابقة. هذا العمل الجديد الذي رغم مضمونه الغير تجاري حقق أعلى إيرادات في سنة 2010 كما أثبت في تونس أن للسينما سحرها الخاص فرغم أن فيلم «رسائل البحر» وقعت قرصنته وبيع في المحلات إلا أن جمهور داوود عبد السيد كان مواكبا وسعيدا بهذا الإنتاج السينمائي الراقي في مضامينه وأداء طاقمه الفني والمستوى التقني العالي لمصوره أحمد المرسي. وهذا الجمهور اعتبره داوود عبد السيد الأفضل كما أعرب عن سعادته بالحضور مجددا إلى تونس و استكشاف جانب جديد من فيلمه من خلال التونسيين.