Social Icons

6 novembre 2010

الاستحواذ على أراضي الآخرين جوهر السياسات الاستعمارية وليس البحث العلمي الذي يفيد عكس ذلك

111

كتاب حول التشريع في مادة أملاك الدولة بتونس خلال الاستعمار

الاستحواذ على أراضي الآخرين جوهر السياسات الاستعمارية وليس البحث العلمي الذي يفيد عكس ذلك



أصدر المعهد الأعلى للحركة الوطنيّة ( جامعة منّوبة ) كتابا جديدا باللّغة الفرنسيّة بعنوان : «التّشريع في عهد الاستعمار الفرنسي في مادّة أملاك الدولة بتونس «1881 ـ 1956» للباحث مروان العجيلي
الكتاب في الأصل رسالة لنيل شهادة الدكتوراه وقعت مناقشتها بكلية العلوم الإنسانية والإجتماعية بتونس سنة 2003 وقد خضعت للمراجعة والتخفيف حسب المؤلف قصد إعدادها للنشر. وقد تولّى السيد عبد السلام بن حميدة مدير المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية بالتّمهيد للعمل بكلمة أشار فيها بالخصوص إلى أن المعهد وهو ينشر الكتاب لا يدّعي تقديم تاريخ رسمي أو قصة مفتعلة وإنما كل ما في الأمر أنه سعى لدعم البحوث حول مرحلة وصفها بالخطيرة  في تاريخ بلادنا وتعميق البحث حولها. ويأتي صدور هذا الكتاب حسب نفس المصدر في مرحلة مناسبة في إشارة منه إلى مبادرة وزارة أملاك الدولة الخاصة بفتح أرشيفها أمام الباحثين في التاريخ
وحينما يكشف الكاتب عن خصوصيات التشريع في عهد الإستعمار في مادة أملاك الدولة بتونس فإنه يوضّح أن ذلك التشريع نابع من نموذج تشريعي يدخل ضمن التقاليد الفرنسية في المجال  لكنه يأخذ بعين الإعتبار الخصوصيات المحلية ومصالح المستعمر
وإن كنّا ندرك مسبقا أن الإستعمار في جوهره استغلال لأرض الآخرين فإن الكتاب الجديد لا يؤكّد ذلك فحسب بل يستعمل منهج البحث العلمي ليثبت أن التشريع في مجال أملاك الدولة لدى المستعمر لا يمكن إلا أن يكون  تعبيرا عن الإستعمار والسياسة الإستعمارية
السياسة والقانون علاقة عضوية
اعتمد الباحث في معالجته  لإشكالية البحث على مقاربة شاملة معتبرا أن الدراسة  لا  ينبغي أن تهتم بالجانب القانوني أو التشريعي مع إهمال الجانب السياسي وينبغي أن  يكون الأمر كذلك لأن تاريخ الإستعمار والتاريخ العقاري مرتبطان ارتباطا عضويا. وهو ينتهي بتأكيد مجموعة من الفرضيات من أبرزها  أنه وإن كان التشريع الإستعماري في مجال أملاك الدولة هو مواصلة ومرآة عاكسة للسياسة الإستعمارية  ويتطوّر حسب تطوّر هذه السياسة وبالرغم من أن  هذا التّشريع هو عبارة عن اختيار مقصود الهدف منه محاولة إيجاد غطاء قانوني لممارسات على غرار  الإستحواذ على أراضي السّكان الأصليين وتجريدهم من حقّهم فيها فإنّ الدولة التونسية الحديثة ( بعد الإستقلال )عرفت كيف تستفيد من النموذج الفرنسي في نفس المجال واتخذت مجموعة من الإجراءات الشّجاعة. وعدّد من بين هذه الإجراءات ما يهمّ تنظيم الأراضي الجماعية للقبائل وتحويل الأحباس العمومية إلى  أملاك الدولة وإلغاء الأحباس الخاصة والمختلطة وتصفية الأحباس الجماعية إلخ...
واعتمد الباحث على عيّنة من المصادر التي استخدمها للبحث من بينها  القوانين والأوامر والقرارات ذات الصّلة بمجال البحث. وقد اعتمد بكثافة على الأوامر  ( الصّادرة عن البايات )  كما أنّه اشتغل على الوثـــــــائق الإدارية ومشاريع القوانين والمناقشات التي سبقتهــــــا  أو التي ترافقها والمراسلات بين مختلف المصالح الإدارية وتقارير الشخصيات الهامة أو التي  تعمل لصالح المشروع الإستعماري
التاريخ والمسائل العقارية
اعتمد الباحث كذلك على الكتابات والدراسات التي تعود لرجال  القانون الفرنسيين الذين مارسوا مهنتهم بتونس أو الجزائر وتمتد هذه الكتابات على عدد من الفترات كما اطّلع حسب تأكيده على البحوث التي عالجت المسائل العقارية في تونس. المناسبة كانت سانحة للكاتب للإشارة إلى أن المسائل العقارية قلما تطرح في البحوث التاريخية وأنه إذا صادف وطرحت فإنها لا تدرس في بحوث مستقلة وإنما نجدها في أعمال تتعلق بمجالات أخرى ممّا يحمّل  البحث الذي بين يدينا مسؤولية أكبر
تم تقسيم البحث حسب المراحل التاريخية التي عرفها الإستعمار في بلادنا وخّص كل مرحلة بنتائج متعلقة بها
وهكذا يحيطنا الكاتب علما بأن السنوات الأولى للإستعمار كانت فيها النصوص القانونية قليلة نسبيا وكان همّ المستعمر مركزا على تيسير وصول المعمرين إلى الأراضي التونسية ثم تتزامن فترة تكريس الإستعمار رسميا  مع كثافة في النصوص القانونية. ولئن عرفت فترة ما بين الحربين لا سيّما إثر أزمة الثلاثينات من القرن الماضي بما يطلق عليه بالسياسة الفرنسية الخاصة بالسكان الأصليين والوعود بتحسين أسباب  عيش التونسيين فإن المستعمر الفرنسي كان قد استغلها في حقيقة الأمر لتهيئة  الأجواء قانونيا للمعمّرين لاستغلال أراضيهم في أجواء مريحة 
أما مرحلة ما بعد الحربين فقد كانت حاسمة على المستوى السياسي والإجتماعي وتميزت بارتفاع نسق المطالبة الإجتماعية خاصة بعد تدعيم دور الإتحاد العام التونسي للشغل  وهو ما دفع السلطات الإستعمارية إلى إعادة النظر في سياساتها. أما فيما يتعلق بالمسائل العقارية فإن سلطات الحماية سارعت إلى ما وصفه الكاتب بالتنقية العقارية وهو ما ساهم في تركيز السكان الأصليين في أراضيهم كما ساهم في نشر الملكية الخاصة لديهم كما أن الوضع ما بعد الحربين شهد اجراءات قانونية تمس بالخصوص وضع الأراضي القانوني ومراقبتها وإدارتها
بقية التفاصيل ومختلف الإشكاليات التي واجهتها سلطات الحماية عبر مختلف هذه المراحل وكيف استفادت الدولة حديثة النشأة من التجربة الفرنسية في مجال التشريع في مادة أملاك الدولة يكتشفها المهتم في هذا الكتاب الذي يتكون من 417 صفحة والذي يشتمل على نسخ من عينة هامة من الوثائق التي اعتمدها الكاتب خلال البحث

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Preview on Feedage: tunisia-daily-news Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki