الباسطي يؤبن الطاهر شريعة

الباسطي يؤبن الطاهر شريعة

الله أكبر...الله أكبر...الله أكبر ولا حول ولا قوة الا بالله

بقلوب خاشعة يتنازعها التأثر البالغ ويملؤها الرضا بقضاء الله وقدره نقف اليوم لنودع الى مثواه الاخير  علما لامعا من اعلام المشهد الثقافي التونسي علما كنا وقفنا منذ ايام قليلة لتحيته وتكريمه ضمن الدورة الثالثة والعشرين من ايام قرطاج السنمائية، وشاءت الاقدار ان نقف اليوم موقفنا الخاشع هذا لنسلّم على روحه الزكية سلام الفراق لا لقاء بعده الا في دار الحق

 لقد كان الطاهر شريعة من البناة الروّاد الذي التفوا حول استاذ الجيل الاستاذ الشاذلي القليبي عند انشاء كتابة الدولة للشؤون الثقافية ووضعوا الاسس المتينة التي سيقوم عليها بناء التنمية الثقافية في وطننا

لقد كان الطاهر شريعة من اولئك البناة الذين أخذوا المسؤولية الادارية في صلب الادارة الثقافية مأخذ النضال الذي يغلب عليه البذل والعطاء وروح التطوع والايمان باهمية الفعل الثقافي في زمن بدايات التأسيس الذي عزّ فيه وجود المؤمنين بخطورة الشأن الثقافي

عندما دعي سنة 1960 لتأسيس مصلحة السنما في ما كان يسمّى بكتابة الدولة للشؤون الثقافية وجد في شبكة نوادي السنما الذي ظلّ يرعاها خير قاعدة يستند اليها ويستعين بخريجيها في اعداد النصوص المنظمة لقطاع السنما، هذه النصوص التي صدرت فيما اصبح يعرف بـ»مجلة الصناعة السنمائية» في تونس

وفي سنة 1966 اسس الطاهر شريعة ايام قرطاج السنمائية وادار دورتها الاولى وحدّد هويتها وملامحها وجعلها اول مهرجان عربي افريقي يعنى بالابداع السنمائي العربي الافريقي الجاد ويعرف بمخرجين افذاذ أمثال يوسف شاهين وعثمان صنبان وصلاح ابو سيف وأسهم الطاهر الشريعة إسهاما قيما في ترسيخ تقاليد هذا المهرجان بما جعله موعدا دوريا مهما ينتظره الناس لمواكبة مستجدات الابداع العربي والافريقي ومنصّة هامة انطلق منها العديد من النجوم الذي تألقوا في سماء العالمية

كما جعل من هذا المهرجان اداة نضال وتعريف بافريقيا وآمالها وآلامها وموئل لقاء وحوار بين شمال القارة وجنوبها، وبين القارة الافريقية وسائر بلاد الدنيا

كان الطاهر شريعة وطنيا صادقا أحب تونس واخلص في خدمتها واحب مسقط رأسه صيادة وظل متعلقا بها الى اخر رمق في حياته واهداها اثمن ما يكسب مكتبته

لم يكن الطاهر شريعة مؤسس ايام قرطاج السنمائية فحسب، بل كان ايضا وبالخصوص من اهم مؤسّسي السنما التونسية وواضعي لبناتها الاولى في زمن كانت فيه الدولة الوطنية الفتية في اشد الحاجة لمن ينهض بمشروعا التحديثي في شتّى القطاعات

بذلك سيظل اسمه خالدا في الذاكرة الثقافية الوطنية

ولقد حظي الفقيد بعناية موصولة من قبل سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الذي منحه سنة 2007 الصنف الاكبر من الوسام الوطني للاستحقاق بعنوان القطاع الثقافي. كما احاطه برعايته السامية اثناء محنته الصحية

رحمه الله رحمة واسعة ورزق اهله وذويه والاسرة الثقافية عموما والاسرة السنمائية على وجه الخصوص جميل الصبر