لمجابهة المد اليساري..بن صالح يستنفر الجامعيين والمثقفين |
كان للمذاهب الاشتراكية بشتى مدارسها وقع السحر في نفوس مثقفي البلدان المستقلة حديثا في الستينات. ولم يكن الشباب المثقف في تونس بمنأى عن تلك التأثيرات التي سرعان ما تحوّلت إلى مناهضة صريحة لنظام الحكم، أو استقالة من الشأن العام. |
التأمت تلك الندوة في نادي أبي القاسم الشابي بالوردية، وجاء في الورقة التقديمية: «لا يمكن للمثقفين أن يعيشوا اليوم في أبراجهم العاجية وتونس تتطلع نحو مستقبل باسم مرموق وهي تخوض معركتها ضد التخلف بما لديها من قوى خلاّقة بنـّاءة. إن الثقافة أصبحت للشعب وحده وان الإقطاع الثقافي والبرجوازية الثقافية قد انتهى عهدهما ولم تعد الكلمة اليوم الا لهذا الشعب الوديع المناضل في سبيل وجوده المزدهر. ولئن نرى البلاد التونسية شعبا وحكومة، أفرادا ومنظمات، تهتم بالتطورات الاجتماعية من صحة واقتصاد، فإننا نرى عقلية مثقفينا لم تزل على حالها تنشد الكمال ولكنها تحبّذ الانعزالية. لكن الساعة دقت لوصف الداء وتقديم الدواء. محمود المسعدي: جاء في كلمة المسعدي الترحيبية «لا يسعني إلا أن أشكركم وأنتم فيما أرى من النخبة التونسية المثقفة الممتازة على ما تولون الثقافة من التفكير فضلا عن الخدمة اليومية، وقد سُئِلـْتُ أن أشرف مع زميلي وصديقي الشاذلي القليبي، فدورنا بينكم متواضع جدا هو دور المستمع المستفيد وعساني أستخلص الآراء التي سنبدأ في الاستماع إليها وبذلك نكون قد خرجنا بالفائدة المرجوة. أحمد عبد السلام جاء في مداخلة نائب عميد الجامعة التونسية أحمد عبد السلام: «إن العمل عسير في مثل هذه الندوة لأن الحديث عن الثقافة كثير التشعب ومن جهة أخرى فإن رسالة المثقف في البلاد المتخلـّفة متـّصلة بنواحي حسّاسة من حياة مجتمعنا فيحتاج الانسان إلى كثير من المعرفة وإلى كثير من ضبط النفس ليتحكم في كل الخوالج النفسية ليبسط في بعض دقائق المسائل الأولية التي لا بدّ من بسطها. فالثقافة في كلمة موجزة تقترن بالمعرفة والعمل اقترانا لا انفصال فيه. فالمثقف مدرك، مُطلع على بعض الأمور متأثر بذلك الإدراك حتى أنه متهيّئ للعمل تهيّؤا كاملا من شأنه أن يخرج بسرعة إلى حيز العمل. ولا بد إذن أن يكون دور المثقف في المجتمع المتخلـّف موقف إدراك لذلك التخلف وأن يكون موقف حيرة أمام مظاهر التخلف. والثقافة تحتاج إلى المثابرة على الاطلاع والحوار مع الغير وقبول معارضات الغير ومحاولة الإقناع والاقتناع. الثقافة لا تكون في برج عاجي. رأينا بعض المثقفين الذين بالغوا في الهروب ينتهي بهم الأمر إلى الغربة الحسيّة، يهربون إلى بلدان أجنبية. أما غيرهم ممن لم يغرق في هذه العزلة ولكن يتنكـّر، بقي يعيش بين بين، بمعنى يتغرّب من حين إلى آخر جسديا ويقضي مدة طويلة في بلاد أجنبية. محمد مزالي جاء في مداخلة مزالي وكان مدير الشباب والرياضة آنذاك «أريد أن أتعرض إلى بعض مشاكل تثار عندما نحاول أن نعالج قضية المثقف في المجتمع. هناك أولا موقف المثقف في هذا المجتمع ومسؤوليته. هل يجب أن يبقى المثقف في معزل عن مشاكل المجتمع ولا يهتم بشؤونه حتى يتفرّغ وينصرف إلى الإنتاج والخلق أم يجب عليه أن يضطلع برسالته ويقوم بها كمواطن. تعيب الكاتبة الوجودية سيمون دي بوفوار في كتابها النفيس «قوّة الأشياء» على أحدهم كيف يقبل الوزارة وتتساءل كيف يقبل المثقفون النظر في الملفات والتقارير وينصرفون عن عالمهم وهي تقول: ربّما تبقى المدينة بدون هاد يهديها وتضيف «وان كنت أوافق أن يقع ذلك في البلاد المتخلـّفة». وأعتقد أن دور المثقف في البلدان المتخلفة وحتى في غير المتخلفة هو النزول إلى الميدان والقيام بوظيفته باعتباره مواطنا أسْعِفَ بنور المعرفة وبلغ مستوى حضاريا يمكنه من القيام بهذا الواجب أحسن قيام لأنـّنا إذا غـُصْنـَا في جوهر الفكر والتفكير ألفينا حرية مطلقة بحيث نتصوّر المدينة الفاضلة كما نشاء. فعظمة المثقف هي بالضبط في مدى الخروج بنظريته من طور الفكرة المجرّدة الى الحقيقة الملموسة. وبفضل الجدل بين الفكر المجرّد وحياة الناس تكون عملية مزدوجة. وما عظمة المثقف أوّلا إلا في مدى استنباط ما ينفع الناس وما يؤثر في حياتهم. يجب أن لا يُفصل بين العلم والعمل، بينما الثقافة الحق هي علم وعمل. وفي تونس ليس هذا بكلام غريب لأنـّه يوجد مثقفون لم يفصلوا أبدا بين العلم والعمل واعتبروا أن الثقافة عمل وعلم وكان لهم إنتاج خلاق. |
28 octobre 2010
لمجابهة المد اليساري ..بن صالح يستنفر الجامعيين والمثقفين
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire