ن الذاكرة الوطنيةالستينات.. دعوة المثقفين والجامعيين للنزول من أبراجهم العاجية |
في ندوة «رسالة المثقف في البلاد النامية» التي تواصلت على امتداد عدة حلقات في شهر جانفي 1964، وردا على بعض المداخلات قال أحمد بن صالح «لم نحصر دور المثقف بأن يكون آلة مسخرة في سبيل معنى من المعاني، وقد قلت أيضا بغاية الوضوح ان خدمة المجتمع لا تعني انه على المثقف ان يهرب من المشاكل التي تصدمه، وان هذا لا يمنع من خدمة المجتمع والنزول من الابراج العاجية». |
الشاذلي القليبي «الثقافة وحدة روحية وعزم وتصميم وهي ليست درجة من العلم وفهم الامور. الثقافة هي التفاعل المتواصل بين عناصر ثلاثة، بين المعلومات التي يعيشها الفرد والجماعة وبين شخصية كل فرد. فالثقافة حوار بين هذه العناصر الثلاثة ونتيجة تفاعل بين هذه العناصر، وعن هذا الحوار تنتج شبه وحدة روحية متجهة الى كل تلك المعلومات والتجارب. هذه الوحدة الروحية متجهة الي كل ذلك والى شيء يمكن ان نسميه شبه العزم اوالتصميم، يتأتى من أعماق النفس. هذا العزم هو نتيجة هذه العناصر، وهو يعبر تعبيرا عميقا عن الشخصية فنرى ان الثقافة ليست موقفا سلبيا بل هي موقف ايجابي وخلقي، وتكون الثقافة حية او ميتة بحسب قوة هذا الدفع او العزم. وهذا الاتجاه او هذا العزم يمكن ان ننعته بأنه إيمان وشعور، هو شعور بالانتساب الى جملة من القيم الروحية وكذلك شعور بالمسؤولية. اما القيم فلا يمكن ان نحتفظ بها بنفس الصورة التي نحتفظ بها بالأشياء المادية. القيم ليست مادية انما هي قوى في النفس لا يمكن السهر عليها والمحافظة عليها الا باعادة خلقها خلقا متواصلا. ومن خصائص هذه القيم ان لا تصان ولا تحيى ولا يقع اذكاؤها الا بنشرها وبذلها، فالقيم الروحية منبتها النفس ومآلها الجماعة. وخلق القيم يفضي بالثقافة الي ترك العزلة وخروج الشخص من قشرته والاتجاه الى الغير او الى العالم الخارجي. ونرى ان الثقافة ترتبط آخر الامر بمعنى الاريحية الفكرية والقلبية، فلا بد ان يشعر الفرد بأن ما يهمه هو، يهم غيره. فهناك تضامن في المجال الروحي، تضامن مكيف بين الذات الفردية وبين الذات البشرية وبين المجتمع، لذلك نرى ان هذا التضامن يتخذ اشكالا كثيرة تصلح الانسان وتخفف من آلامه. ونستطيع ان Rول في المثقف انه لا ينال نصيبه من الصدق الا بقدر ما يحتك بالواقع وتحقيق تلك القيم حواليه في المجتمع، فهي الطريقة الضرورية ليكسب كيانه نصيبا من الصدق، ولا بد من الخروج من اوهام الفرد في عزلته والخروج من الانطوائية الى الحوار الخلاق وبدون هذا الامتحان الذي هو جزء من الكل تكون هذه الاشياء ضربا من الزيف». محمود المسعدي «الثقافة في اعلى درجاتها هي الحرية الحق التي معناها الخلق، والثقافة جوهرها هوانها طاقة وقدرة، وهي بما يبدو لي تكون على درجات متفاوتة، فدرجتها الاولى ان تكون ادراكا قبل كل شيء، أي تتشكل في شكل الطاقة فيتصرف صاحبها في عالم المعقولات والشعور تصرفا كاملا. وفي نظري هناك درجة هي اقصى مطمع للانسان هي ربانية، هي درجة المثقف الخلاق للوجود، درجة الذي يجابه كل معطى للوجود، هي درجة المثقف الذي بلغ الى الحرية الحق، التي معناها الخلق، تلك اسمى درجات الطاقة التي هي اشبه شيء بالقدرة الالهية التي هي حرة وخلاقة. انها اكمال العمل الالهي على وجه الارض، انها خلق القيم ايا كانت الاوضاع، سياسي او اجتماعية حتى يبقى وجه الوجود متطورا في نمو مستمر وتدرج لا فتور فيه نحو الكمال اللانهائي والذي هو المبرر للخلق الالهي. واذا كانت هذه هي اسمى منازل الثقافة فلا غرابة ان يكون هذا الصنف قليلا قلة الانبياء والرسل. دور المثقف في المجتمع المتخلف يكون على وجه ثان هو فوق وجه الاستهلاك. يكون على طريقة الادراك. يكون بالتفكير وبتمحيص منزلته وتحليل شؤونه وتبين مصيره الحاضر والاتي. هذا اقل ما تطالب به درجة الادراك، وهذا هو دورر المثقف الملتزم، الفاعل الذي لا يتردد بين التفكير والفعل». العروسي المطوي «الثقافة في معناها البسيط استقامة العود، والذي يتأكد ان نعرف به الثقافة انها استقامة. ان الثقافة اذا توفرت توفر كل شيء لان الذي استقام مفروض فيه انه تفاعل مع مجتمعه واحس بالمسؤولية واندمج في الكل وابتعد عن «البرعاجية» (أي البرج العاجي)، ولست ادري لماذا يصرون على كلمة «البرعاجية» في حين ان الكلام ينحصر في نوع من المثقفين هم الادباء. فكلمة المثقف التي نعنيها اكثر من الاديب تشمل كل فرد ينال حظا من الثقافة ويشعر بمسؤولية تؤكدعليه ان يقوم بواجبه نحو مجتمعه، سواء كان اديبا او شاعرا او طبيبا او مهندسا. واجب المثقف ان ينزل الى المستور الذي يتطلبه الشعب. واحب ان اجعل من اديبنا الكبير محمود المسعدي مثالا. فقد تتمثل «البرعاجية» في «السد» وهذا لا ينقص من قيمة هذا الكتاب. اني اتصور الاستاذ محمود المسعدي امام ثلاثة اشياء في كتابه «السد». وفي كلمة قالها في بعض المناسبات وفي مقال كتبه اخيرا، اتصوره في «السد» «برعاجيا» وهو لن يعود لكتابة «السد» لانه الان في طور العمل. ونهاية «السد» لن يرضاها هو ولا الشعب، والكلمة التي قالها هي: الادب مأساة اولا يكون، والمقال كتبه بمناسبة ذكرى استشهاد فرحات حشاد، وهو فوق ذلك موظف مسؤول عن التخطيط وفي التربية والتعليم. واذا كنا نتحدث عن «البرعاجية» في «السد» فقد يكون هذا من الترف، غير اننا اليوم في موقف الضرورة لا الترف وفي هذا الموقف ندعو الاديب ان يكون مسايرا للحركة التقدمية وللعمل الواقعي، ولئن كنا نتحدث عن القلق او الحيرة فانما نعني القلق المنتج المخصاب الذي يتمثل في قلق الحنين الذي يريد ان يخرج وان يرى الحياة. |
29 octobre 2010
الستينات.. دعوة المثقفين والجامعيين للنزول من أبراجهم العاجية
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire