Social Icons

2 octobre 2010

العدالة الدولية تشهد أزمة حقيقية وانطلاقة المحكمة الجنائية كانت متعثرة ورديئة

110

الدكتور توفيق بوعشبة للصباح

العدالة الدولية تشهد أزمة حقيقية وانطلاقة المحكمة الجنائية كانت متعثرة ورديئة



 أكد السيد توفيق بوعشبة، المحامي لدى التعقيب، الجامعي والخبير في الشؤون الدولية، أن العدالة الجنائية الدولية، تشهد أزمة حقيقية، وهو ما يعكسه موقفها من ملف الرئيس عمر البشير وقضية اغتيال الحريري..
ووصف تحرك هذه المحكمة بـ «الصعب»، معتبرا انطلاقتها المتعثرة والرديئة»، على حدّ تعبيره، على أساس أنها أعطت الانطباع منذ البداية بكونها محكومة بالتجاذبات السياسية..
واستغرب بوعشبة كيف يقبل اللبنانيون بمحكمة دولية، متجاوزين بذلك القضاء الجنائي اللبناني، داعيا فرقاء الساحة اللبنانية إلى ضرورة النظر إلى المصلحة اللبنانية واستقرار البلاد اللذين يقتضيان إلغاء المحكمة.. وفيما يلي نص الحوار..
** رفض المدعي العام للمحكمة الدولية الخاصة بالحريري، ما بات يُعرف بـ»قرائن نصر اللّه» المتعلقة بما سبق جريمة اغتيال رفيق الحريري في لبنان. كيف تقيم موقف المدّعي العام ؟ وما هو رأيك بشأن القرائن التي قدّمت من قبل حزب اللّه ؟
ـ المنطق يقتضي أن يولي المدعي العام كل الاهتمام لما بسطه الشيخ نصر اللّه على الملأ وإلا فإن عمله يكون منقوصا وهو ما يوهن التحقيق في الحالة التي أحدثت المحكمة من أجلها. أقول هذا مع إدراكي أن المحكمة بعثت لأهداف تتجاوز واقعة اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري رحمه اللّه.
 ** في تقديرك هل أن المسار الذي سلكته المحكمة لحدّ الآن، يوحي بإمكانية التوصل إلى الحقيقة ؟
ــ يمكن القول أن تعهد المحكمة وتحرّكها يفتقر على الأقل لحدّ الآن- إلى الوضوح المطلوب. نحن بصدد محكمة غامضة ويصعب حاليا الاقتناع بأنها قادرة على تناول الملف الذي أحدثت من أجله. هناك شيء ما غير عادي في هذه المحكمة.
على كل نلاحظ الآن أن المحكمة تتحرّك بصعوبة كبيرة وقد يفسر ذلك بكون إحداث المحكمة كانت وراءه بواعث سياسية، الأمر الذي يجعل المحكمة تعطي الانطباع بأنها تعيش تحت وطأة تجاذبات سياسية. قد تتضح الصورة أكثر في المستقبل، أما الآن فهناك غموض غير معهود في مثل هذه المحاكم مقارنة بالمحكمة الخاصّة بسيراليوني أو بالمحكمة الخاصة بكمبوديا مثلا.
ومثل هذا الجو المحيط بالمحكمة يجعل التوصل إلى الحقيقة أمرا صعبا للغاية.
** إلى أي مدى يمكن الحديث عن «استقلالية» المحكمة، خصوصا في ضوء تردّد خضوعها للوبيات صهيونية وأمريكية؟
ـ كما قلت منذ حين هناك غموض يكتنف المحكمة الخاصّة بلبنان. قضاة المحكمة وكما هو مطلوب بالنسبة لهذا النوع من المحاكم مستقلون أو يجب أن يكونوا مستقلين بحيث لا يمكنهم قبول أو طلب أيّة تعليمات من أية حكومة كانت في نطاق ممارستهم لوظيفتهم. وهذا تؤكده المادّة 9 من النظام الأساسي للمحكمة.
ولكن لا يمكن النظر إلى مدى استقلال المحكمة كمؤسسة قضائية بمعزل عن الظروف وعن القوى وعن المصالح وعن التجاذبات التي أحاطت بإحداثها. كما لا يمكن النظر إلى مدى استقلال المحكمة بمعزل عن الاهتمام الذي توليه حكومات عدد من الدول للبنان وما قد يرتبه هذا الاهتمام من تأثير.
**في مستوى القانون الدولي، كيف يمكن ضمان تحقيق عادل لهذه القضية ؟
ـ بالنسبة إلى أي محكمة جنائية، يوفر القانون الدولي وتحديدا القانون الدولي الجنائي ما يلزم ليكون التحقيق سليما وموضوعيا. بصورة أساسية يجب احترام مقوّمات ومعايير وقواعد المحاكمة العادلة. من ذلك أن التحقيق يجب أن يكون حِرَفيًّا بحتا بحيث لا تتسلط أو تتدخل فيه أيّة اعتبارات سياسية. فالتحقيق يجب أن يتم وفق ما تقتضيه قواعد الإجراءات الجزائية الحديثة وما يرتبط بها من معايير المحاكمة العادلة المتعلقة بهذا المستوى من الإجراءات الجزائية.
** هل يمكن القول أن التحقيق في اغتيال الحريري جزء من سيناريو لتبرير ضرب حزب اللّه وسوريا، أم يمكن التسليم «بنزاهة» التحقيق؟
ـ إذا ذهبنا في هذا الاتجاه يجب اعتبار إحداث المحكمة ذاته وليس التحقيق وحده كأداة لتبرير ضرب حزب اللّه وسوريا مع التوسع إلى إيران. الكثيرون يرون أن المحكمة الخاصة بلبنان أي «محكمة الحريري» إنما أحدثت لتكون أداة تستخدمها بعض القوى لتغيير معادلات قائمة لحد الآن في لبنان وفي الإطار الإقليمي الذي يندرج فيه لبنان. ومع ذلك قد لا يؤدّي التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري رحمه الله إلى مثل تلك النتيجة. وليس مؤكّدا أن توظيف المحكمة إذا سلمنا بأن هناك توظيفا سينجح حتما في الميدان.
وعلى كل هذه المسألة ستتضح أكثر في المستقبل.
** من المحكمة الجنائية الدولية التي ورّطت الرئيس السوداني، إلى محكمة الحريري التي عملت في غموض وملابسات كثيرة هل «القضاء الجنائي الدولي» بات في أزمة من حيث مصداقيته وبحثه عن العدالة؟
- لقد نجح القضاء الجنائي الدولي جزئيا وهذا النجاح الجزئي نراه في ما قامت به المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا والمحكمة الجنائية لرواندا. وأما المحكمة الجنائية الدولية فهي غير مقنعة واتضح للجميع أنها تعمل بمنهج الكيل بمكيالين فضلا عن رفضها من دول عظمى ضالعة في ارتكاب جرائم دولية. وأما ما اتُخذ في نطاقها من إجراءات مصدرها الحقيقي بعض الدول النافذة في مجلس الأمن للأمم المتحدة تجاه الرئيس عمر البشير والطريقة التي يتعامل بها المدعي العام أوكمبو في هذا الخصوص فقد افقدها كل مصداقية. وفي هذا المستوى يمكن القول أن العدالة الجنائية الدولية تشهد أزمة حقيقية وأن انطلاقة المحكمة الجنائية الدولية كانت اقل ما يقال عنها إنها متعثرة ورديئة.
** هل إن ما حصل في لبنان يتطلب بالضرورة محكمة دولية كمحكمة الحريري؟
ـ لا أعتقد أن إنشاء مثل هذه المحكمة ذات الطابع الدولي بحكم بعثها بمقتضى معاهدة دولية ثنائية وبحكم تركيبتها كان ضروريًا. فعملية الاغتيال التي وقعت وأودت بحياة رئيس الحكومة رفيق الحريري وأشخاص آخرين لم تكن تستدعي إقامة محكمة جنائية ذات طابع دولي أو ذات طابع مختلط وإلاّ فكلّما وقع اغتيال شخصية سياسية في بلد ما استدعى الأمر إقامة محكمة جنائية دولية لتناول الحالة المعنية. مثل هذا التمشي غير مقنع. فالمحاكم الدولية الخاصة كمحاكم جنائية لا تُحدث أصلا لحالات كحالة اغتيال شخصية سياسية خصوصا لمّا يكون الاغتيال قد حصل في دولة لها مؤسسات قضائية تعمل بصورة فعلية ومقبولة كما هو الحال في لبنان. إن المحاكم الجنائية الدولية يتم إحداثها أساسا لحالات جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية.
لابدّ من الملاحظة أن لبنان دولة ذات سيادة مهما سعت بعض الدول إلى التغافل عن تلك الخاصيّة، ولبنان كدولة ذات سيادة حيث أنها ليست بلادًا تحت الاستعمار أو تحت الاحتلال الأجنبي، لها نظام قضائي معتبر وجهاز قضائي جدّي قادر على إجراء المحاكمات المطلوبة، وليس هناك حاجة لمحكمة ذات طابع دولي تأتي لتحل محلّ القضاء الجنائي اللبناني. وما كان على لبنان أن يقبل بتدخل محكمة يتحكم الخارج في آلياتها واتجاهاتها.
** ما هو تعليقك على ما قاله وليد حنبلاط حول تفضيله الاستقرار في لبنان على عدالة هذه المحكمـــة؟
- كما أن المحكمة الجنائية الدولية موظفة لتحقيق غايات سياسية محدّدة، فإن المحكمة الخاصة بلبنان أو محكمة الحريري ليست بالمؤسسة القضائية البريئة أو التي تتوفر فيها مقوّمات الموضوعية بصورة تامّة. وما من شك أن الوعي بهذه الخصائص هو الذي جعل شخصية سياسية لها وزنها في الساحة السياسية اللبنانية، على غرار السيد وليد جنبلاط رئيس «اللقاء الديمقراطي» يعلن مؤخرا بعد أن كان أيد مشروع المحكمة في البداية، أنّه تمنّى «لو لم تكن المحكمة الدولية»، على حدّ تعبيره.. وفي رأيي، فإن مصلحة لبنان واستقراره، يتطلبان إلغاء هذه المحكمة وإحالة مجمل الملف للقضاء الجنائي اللبناني.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Preview on Feedage: tunisia-daily-news Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki