الأسد اليوم في طهران ونجاد في بيروت بعد أسبوعين
الشرق الأوسط يغلي.. وتحركات ماراطونية لإطفاء الحريق المتوقعاليوم مؤتمر وزاري إقليمي تركي عربي في سوريا ـ يتواصل في دمشق وبيروت وعدد من عواصم المنطقة العربية السباق بنسق سريع جدا بين صناع القرار السياسي والاقتصادي، بعد أيام قليلة من «اللقاء الإيجابي جدا» الأول من نوعه منذ مدة بين وفدين سوري وأمريكي برئاسة وزيري الخارجية السوري وليد المعلم ونظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون.
وفي بيروت تعاقبت التحركات الماراطونية «الاستباقية» لقرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري، وكان من أبرزها لقاء رسمي وعلني جمع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بالسفير الايراني في بيروت، أدلى في أعقابه بتصريحات تنوه بايران وبالسفير الايراني، مكرسا تحولا بنسبة 180 درجة في موقفه من ايران التي كان قبل أعوام ينتقدها بعنف ويطالب بطرد سفيرها في لبنان..
اشعال فتيل حرب جديدة؟
وجاءت تصريحات جنبلاط بعد تقارب واضح في مواقفه من دمشق ومن قيادة حزب الله وإعلانه معارضة «سيناريو الفتنة» و»النيل من الوحدة الوطنية اللبنانية» تحت أي يافطة من بينها «المحكمة الدولية»..
كما جاءت هذه التطورات في نفس اليوم الذي إلتقى فيه السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس الاسبق ايميل لحود، وبروز تصريحات عن عدة شخصيات مسيحية وسنية وشيعية لبنانية بينها العميد ميشال عون ـ الذي زار دمشق بدوره قبل أيام ـ ورئيس الحكومة اللبنانية الاسبق السني سليم الحص معارضة سيناريوهات «محاولات زج المحكمة الدولية بحزب الله في قضية اغتيال رفيق الحريري»، وهي مؤشرات «إيجابية جدا إذا لم تفسدها أياد خارجية» حسبما جاء في تصريح أدلى به إلى «الصباح» الاعلامي والخبير الايراني السيد احمد الشيرازي على هامش تظاهرة دولية في دمشق.
تحركات وليد المعلم في نيويورك
في الاثناء تتسابق واشنطن وباريس وطهران وأطراف دولية على كسب ود القيادات السياسية وصناع القرار الاقتصادي، في دمشق وبيروت تزايد التنويه في وسائل الاعلام السورية واللبنانية بزيارة الرئيس الاسد إلى طهران وزيارة أحمدي نجاد بعد نحو أسبوعين إلى لبنان.
في نفس الوقت نوهت عدة شخصيات سياسية سورية لـ «الصباح» ـ بينها الوزير سعد الله آغا القلعة ـ بمسار انفتاح الحكومات الغربية وبينها واشنطن على سوريا وبـ «نجاح» المحادثات التي أجراها وزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك مع عدد من كبار المسؤولين الغربيين والعالميين، بينهم السيدة هيلاري كلينتون والوزير الاسباني موراتينوس، ومشاركته في اجتماع مصغر مع موراتينوس ووزير خارجية تركيا قصد «تفعيل آلية الاتحاد من أجل المتوسط» في برشلونة، ثم في اجتماع لجنة وزارية رباعية برئاسة وزراء خارجية تركيا والاردن ولبنان وسوريا، صدرت عنها عدة قرارات لتفعيل «مسار الاتحاد من اجل المتوسط» في مستوى مؤتمرات وزارية اقليمية قطاعية، تمهيدا للقاء سياسي موسع سينظم في سوريا مطلع العام القادم.
أحمدي نجاد يطمئن اللبنانيين؟
والملفت للنظر أن وسائل الاعلام اللبنانية والسورية سجلت أن «زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد إلى لبنان تأتي في ظل أجواء محمومة على مستوى المنطقة ومتوترة سياسيًا على مستوى الداخل اللبناني»، لكنها أبرزت التصريحات التي أدلى بها نجاد في نيويورك وطمأن فيها اللبنانيين معتبرا أن قضية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري «شأن داخلي لبناني» و»شأن دولي»، أي أن تصريحات أحمدي نجاد بدت «على يمين» تلك التي صدرت عن رئيس الديبلوماسية السورية وليد المعلم الذي وصف المحكمة الدولية بكونها «مسيّسة» وأورد أن القيادة السورية.
«تعارض أي جهود من الامم المتحدة تدعم إصدار اتهامات من شأنها إغراق لبنان في جولة جديدة من العنف الطائفي»، في إشارة ضمنية إلى إحتمال اتهام عناصر من حزب الله بالضلوع في اغتيال رفيق الحريري.
وقد بدت تصريحات وليد المعلم مناقضة تماما في توجهها لتلك التي صدرت عن وزير خاريجية مصر أحمد أبو الغيط في نيويورك، وعشية الاجتماع المؤجل لوزراء الداخلية العرب، والتحركات الماراطونية التي تجري في مستوى آخر استعدادا للقمة العربية الاستثنائية بالشقيقة ليبيا الاسبوع القادم..وقد اعتبر رئيس تحرير صحيفة «الوفاق العربي» الايرانية السيد علي شايشان في تصريح لـ «الصباح» ـ خلال لقاء جمعنا به في دمشق ـ أن «التقارب السوري الايراني» و»دعم دمشق وطهران للوحدة الوطنية ولحركة المقاومة للاحتلال الصهيوني خيار استراتيجي كرسته ولا تزال تصريحات وزير الخارجية السوري وبقية القادة السوريين، وإن أجروا محادثات ومفوضات متعددة الابعاد مع واشنطن والعواصم الاوربية واسرائيل».
دور إقتصادي إيراني جديد في لبنان
وحسب مصادر سورية ولبنانية مسؤولة فإن الرئيس الإيراني سيقدم خلال زيارته «عرضًا إيرانيًا إقتصاديا مغريا « للمسؤولين في لبنان يتمثل خاصة بـ»مساعدة ايران للبنان في التنقيب عن النفط لصالح لبنان»، وعرض آخر «بتزويد لبنان بالطاقة بأسعار مخفضة جدًا لمساعدته على معالجة هذه الأزمة المزمنة، إلى جانب عرض المساعدة على مستوى إنشاء مدن صناعية وبعض الإنشاءات والمؤسسات على كافة الأراضي اللبنانية، وتأكيد استمرار الهيئة الإيرانية في عملها في إعمار لبنان.»
في نفس السياق أعلنت الصحافة السورية نقلا عن السفير الإيراني في سوريا، أحمد موسوي، ان «زيارة الرئيس بشار الاسد لإيران ستفتح صفحة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين».
مؤشرات في الاتجاه المعاكس
هذه التحركات السريعة تتزامن مع تطور سريع في نسق العلاقات السورية التركية، وصدور مبادرات «أكثر جدية» من باريس وبعض شركائها الاوروبيين للعب دور «حقيقي» في معالجة الصراع العربي الاسرائيلي والفلسطيني الاسرائلي والملفات اللبنانية والسورية والايرانية.
لكن المؤشرات «الايجابية» توازيها ضغوطات من «الحجم الثقيل» تمارس على طهران بسبب ملفها النووي، وعلى سوريا وايران وحلفائهما في فلسطين ولبنان وخاصة على قيادات حزب الله وحركتي حماس والجهاد في قطاع غزة، مما يعني أن المنطقة لا تزال مهددة باشعال فتيل حروب جديدة، وإن كانت «باردة»، ستكون اسرائيل وسوريا وايران وأمريكا طرفا فيها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire