محاكمة الطاهر بن عمار كانت سياسية بهدف إبعاده عن الساحة |
"الطاهر بن عمار قدّم الكثير للحركة الوطنية.. ولم يحل انتماؤه للطبقة البورجوازية دون اختلاطه بالناس إذ كان رجلا متواضعا.. اختاره الحزب الدستوري، وألح عليه الزعيم الحبيب بورقيبة كي يترأس الوفد الذي سيتفاوض مع الطرف الفرنسي حول الاستقلال.. |
و توصّل بصعوبة كبيرة إلى إمضاء اتفاقية الاستقلال بيده.. لكن بعد فترة قصيرة من هذا الحدث كبلت تلك اليد التي وقعت على الاتفاقية بالقيود.. وكان مآله السجن بتهم واهية تتعلق بإخفاء مجوهرات العائلة المالكة وبالتهرب الجبائي".. لقد كانت محاكمة سياسية بهدف إبعاده ". هذا أبرز ما تمت الإشارة إليه أمس بالمعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية بمنوبة خلال لقاء ساخن بمناسبة تقديم كتاب المؤرخ خليفة شاطر "الطاهر بن عمار:1889ـ 1985".. وتم التأكيد خاصة على أن محاكمة الطاهر بن عمار كانت محاكمة سياسية خطط لها الزعيم الحبيب بورقيبة بهدف إبعاده عن الساحة. وفي هذا الإطار قال الأستاذ خليفة شاطر: " تم تكليف هذا الرجل من طرف الحزب بقيادة حكومة التفاوض.. واختاره بورقيبة بنفسه لهذه المهمة نظرا لشبكة علاقاته الكبيرة ومواكبته لأطوار الحركة الوطنية.. وكان بالإمكان الحصول على الاستقلال الداخلي منذ عام 1952 لأن الطاهر بن عمار اتفق وقتها مع الحكومة الفرنسية على الأمر لكنها سقطت فلم يتحقق مراده وظل دائما متحمسا للتفاوض إلى أن أمضى اتفاقية الاستقلال.. ثم حوكم وسجن وهو ما أثار العديد من التساؤلات". وأضاف: "بعد الاستقلال ظهر الصراع بين النخب الشابة على الحكم.. وفي هذا الإطار كانت محاكمة الطاهر بن عمار.. وهي محاكمة سياسية ولم يرفع أثناءها المجلس التأسيسي عنه الحصانة وعندما كان يدافع عن نفسه يصفق له من في القاعة وهو ما نشرته جريدة الحزب نفسها". ولاحظ أن الطاهر بن عمار كان ينتمي للبرجوازية الفلاحية وهي برجوازية عانت من الاستعمار خلافا لبرجوازية المخزن التي استفادت منه.. وهو ما يفسر تحمسه لتقديم المطالب التونسية وذكر أن اتهامه بإخفاء مصوغ البايات في غير محله". وبين المؤرخ خليفة شاطر أنه اعتمد في كتابه "الطاهر بن عمار" على أرشيفات عائلة الطاهر بن عمار وأرشيفات أخرى وهو ما نوهت به المؤرخة قمر بن دانة مؤكدة على أهمية تنويع الشهادات والمصادر وعلى ضرورة المحافظة على مسافة الأمان بين المؤرخ وأصحاب الشهادات لضمان المصداقية التاريخية. وقال المؤرخ أحمد الجدي إن شخصية الطاهر بن عمار هي شخصية إشكالية بحث فيها المؤرخ خليفة شاطر وحفر بحرفية فائقة.. وبين أنه اطلع على أطروحة الباحث فوزي السباعي التي نوقشت في جامعة تونس موفى جوان الماضي حول شخصية الطاهر بن عمار كما اطلع على كتاب المؤرخ خليفة شاطر ولاحظ أن الشهادات الموجودة في الكتاب والوثائق المصدرية الموجودة في الأطروحة فيها الكثير من الاختلاف.. وهو نفس الاختلاف الذي برز في العديد من المقالات الصحفية السابقة التي اهتمت بالرجل وكذلك في الشهادات التاريخية الشفوية حوله. وفسر المؤرخ الأمر أن هذه الشخصية الإشكالية هي التي ولدت مثل هذا الاختلاف في الرؤى. إذ شاء التاريخ الاجتماعي والثقافي والسياسي في البلاد التونسية ألا يكون الطاهر بن عمار من عامة الناس وتموقع بين قوى حقيقية فاعلة إلا أنها متناقضة.. بين فرنسا المستعمرة وتونس المستعم <<رة.. فصاحبته ازدواجية الصورة . وبين المؤرخ محمد لطفي الشايبي أن الطاهر بن عمار من أعيان البلاد التونسية وواكب الحزب عند التأسيس وانخرط في الحزب الحر الدستوري التونسي سنة 1920 وعند الانشقاق انخرط في الحزب الإصلاحي مع حسن القلاتي.. وأضاف "هو رجل الحل الوسط لكن مشاكله بدأت سنة 1954 عندما تم انتخاب احمد بن صالح الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نظرا لأنه ارستقراطي وزادت برجوع صالح بن يوسف إلى أرض الوطن إذ أن حكومة الطاهر بن عمار الثانية التي تأسست في 17 سبتمبر 1955 لم تكن مثل الأولى ويمكن وصفها بصعوبة التموقع وتواصل ذلك إلى أن الزعيم الحبيب بورقيبة أخذ بزمام الأمور. مجوهرات البايات خلال النقاش قدم نجل الطاهر بن عمار الشاذلي بن عمار معطيات أخرى تحفظ عنها بعض المؤرخين. ففي ما يتعلق بتهمة إخفاء المصوغ قال الشاذلي بن عمار: "لم تكن هناك علاقة بين الطاهر بن عمار وعائلة الباي. لكنني أذكر أنه في 15 ماي 1955 ذهبت مع والدتي لتقديم التهاني بمناسبة عيد العرش, وعندما أردنا المغادرة التحقت بنا زوجة الشاذلي باي وقدمت لوالدتي علبة صغيرة موصدة وقالت لها اتركيها أمانة عندك لكن والدتي رفضت في البداية وعندما ألحت عليها قبلت.. ثم سلمت هذه الأمانة بدورها لشقيقها. ومضت سنوات.. وبعد الإعلان على الجمهورية.. والعثور يوم 3 مارس 1958 على حقيبة مجوهرات الباي طرق ليلة 6 مارس من نفس السنة رجل أمن باب بيتنا وطلب من والدي تسليم "الكنويتة" التي أخذها من الباي. فلم يفهم والدي الموضوع.. وعندما علمت والدتي بالأمر قالت له إنها فعلا تسلمت أمانة من جودة زكريا زوجة الباي وأعطتها لشقيقها العروسي فتحولوا إلى بيته وتسلموها.. لكن والدي فوجئ في اليوم الموالي بمقال صادر بجريدة العمل مفاد ما ورد فيه انه تم العثور على مجوهرات الباي وقيمتها 150 مليون في بيت الطاهر بن عمار وهو غير صحيح لأن الأمانة تمثلت في عقد من الذهب وخلالة فقط". وأضاف:" ونظرا لتزييف الحقائق لم يرفع المجلس التأسيسي على والدي الحصانة.. كما أن القضية المتعلقة بالنواحي الجبائية كانت بدورها مفتعلة". وأكد نجل الطاهر بن عمار أنه التقى القاضي الذي حكم على والده بالسجن واستفسره عن الأمر فأجابه القاضي أنه كان ينفّذ تعليمات بورقيبة. وأضاف " كما قال لي بورقيبة بنفسه سنة 1986 عندما قابلته إن سجن والدي كان خيارا سياسيا". كما تحدث الشاذلي بن عمار خلال هذا اللقاء بإطناب عن الصعوبات التي عاشها والده خلال المفاوضات مع الطرف الفرنسي وهو ما أثار ردود فعل عدد من المناضلين الحاضرين في اللقاء العملي بين مؤيد ومعارض |
25 novembre 2010
محاكمة الطاهر بن عمار كانت سياسية بهدف إبعاده عن الساحة
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire