وبالرجوع الى ملابسات هذه الفاجعة فان معلومات وردت يوم 20 جانفي 2009 على السلطات الأمنية بالضاحية الشمالية مفادها غرق مركب صيد يحمل اسم «سيرين» في عرض سواحل المرسى وعلى متنه 30 حارقا فباشر رجال الشرطة وأعوان الحماية المدنية وخفر السواحل أعمالهم لانقاذ ما يمكن انقاذه وتمكنوا من انقاذ عدد من الحارقين الذين نجحوا في الوصول سباحة الى الشاطىء وتم نقلهم الى المستشفيات حيث وقع اسعافهم كما تم انتشال حطام المركب الذي كشفت التحريات أنه على ملك امرأة من ضاحية المرسى وبسماعها نفت أن تكون لها علاقة بما حدث كما أكد زوجها على أن المركب سرق.
وأما الشبان الذين غرقوا فقد تم انتشال جثثهم من شواطىء المرسى وسيدي بوسعيد وسيدي الرايس وقربص وأودعت الجثث قسم الطب الشرعي وتبين ان أسباب الوفاة بالنسبة لجلهم ناجمة عن غرق وتعذر معرفة أسباب الوفاة بالنسبة لعدد آخر نظرا لطول بقائها في البحر حيث أصبحت شديدة التعفن.
وكشفت التحريات عن تورط ستة أشخاص في عملية مساعدة الشبان الذين نجوا والآخرين الذين حرقوا على اجتياز الحدود خلسة وتمكن رجال الشرطة من القاء القبض على أربعة منهم في حين تحصن الاثنان الآخران بالفرار.
وبسماع أقوال الشبان الناجين واعتبارهم شهودا في هذه القضية ذكروا أنهم سلموا لشخص من سكان ضاحية المرسى معروف بمساعدته الشبان على اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية مبالغ مالية تراوحت بين 1200 و2000 دينار عن كل واحد منهم.
وتم تجميعهم من طرفه في غابة قمرت ثم نقلهم على متن زورق صغير الى المركب «سيرين» الذي كان على بعد بضعة أميال وسط البحر ولكن نظرا لسوء حالة المركب وكذلك للحمولة الكبيرة التي تتجاوز طاقته فقد تسربت اليه المياه تدريجيا وفي الأثناء اتصل قائد المركب بمنظم الرحلة وأخبره بما يجري فأمره بالعودة ولكن المركب سرعان ما غرق وارتمى كل من كان على متنه في الماء فنجا من أمكنه النجاة وغرق البقية ومن بينهم قائد المركب.
المحاكمة
بعد التحريات الأمنية والتحقيق مع المتهمين في هذه القضية وجهت لهم دائرة الاتهام تهم المشاركة في وفاق وتكوين تنظيم يهدف الى مغادرة التراب التونسي خلسة وايواء أشخاص ونقل أشخاص لمساعدتهم على الابحار خلسة طبق القانون المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر.
وبسماع أقوال المتهم الأول ذكر أنه سبق له وأن «حرق» الى التراب الايطالي بمساعدة المتهم المحال بحالة فرار والمعروف بضاحية المرسى بتنظيم الرحلات البحرية خلسة وسبق له أن مكنه من الابحار خلسة سنة 2002 ولكن تم ترحيله من طرف السلطات الأمنية الايطالية ونفى أن يكون له أي دور في عملية «الحرقان « وأما المتهم الثاني فذكر أنه يعمل بحارا وقبل الحادثة ببضعة أيام اتصل به «الحراق» المحال بحالة فرار وعرض عليه أن يبيعه مركب صيده «سحر» مقابل 10 آلاف دينار ولكنه رفض وأضاف أنه لم يكن له أي دور في هذه العملية.
وبسماع المتهم الثالث ذكر أنه كان دائم التفكير في الابحار خلسة والوصول الى ايطاليا وبلغ الى مسامعه أن شخصا من ضاحية المرسى معروف بمساعدة الشبان على «الحرقان» فاتصل به وسلمه 1200 دينار وتوجه الى غابة قمرت ولكنه فوجىء بأن عدد «الحارقين» كبير ونصحهم بعدم صعود المركب لأنه شعر بالخطر ونفى أن تكون له أية مشاركة أو أن يكون جمع أموالا من الشبان المشاركين في «رحلة الموت».
وأما المتهم الرابع فذكر أنه سبق أن «حرق» الى ايطاليا وتم ترحيله ولذلك رغب في العودة وأنكر استقطابه لشبان للحرقان.
وبإفساح المجال للدفاع تمحورت جل مطالب المحامين في حق المتهمين حول طلب الحكم بالبراءة في حقهم واعتبارهم متضررين في هذه القضية لا سيما أنهم دفعوا أموالا للمتهمين الفارين.
وقررت المحكمة بعد المفاوضة إدانتهم واعتبارهم منظمين للرحلة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire