تشهد أوساط اليهود من أصل ليبي داخل إسرائيل جدلا حول سقوط معمر القذافي من سدة الحكم في بلاده، بينما تواصل مصادر إسرائيلية التأكيد على جذوره اليهودية.
يُشار إلى أن 120 ألفا من اليهود الليبيين يقيمون في 16 بلدة إسرائيلية وتجمعهم جمعية أور شالوم لحماية تراث يهود ليبيا، ويصدر عنها مجلة ناطقة باسمهم تُدعى عادا.
ويعبر رئيس مركز أور شالوم، بديتسور بن عطية المولود في مصراتة، عن أسفه لسقوط القذافي ويقول إن جهات إسلامية ستحكم ليبيا من بعده وتحول دون زيارة اليهود لها.
ويوضح أن يهود ليبيا يشعرون بالألم لسقوط القذافي وهم يتذكرون عدم مساسه بمن تبقى منهم في ليبيا.
ويكشف بن عطية (64 سنة) في تصريح لموقع "واللا" العبري أنه قبل الثورة بقليل كان يقوم باتصالات مع مسؤولين ليبيين بطرق مختلفة لتيسير زيارة يهود إسرائيليين لليبيا بغرض زيارة الجذور والسياحة.
رفرام حداد يتحدث عن ليبيا في ندوة بالقدس (الجزيرة)
آراء يهودية
أما عاموس ليجزيال (67 سنة) والمقيم بمدينة حولون، فيبكي مصير القذافي ويقول إنه سقط يوم فقد هيبته السياسية نتيجة تنازله عن مساعيه للحصول على سلاح نووي.
وأوضح ليجزيال، وهو ابن لعائلة أصلها من مدينة بنغازي معقل الثورة الليبية، للقناة العاشرة الإسرائيلية ليلة الثلاثاء، أن القذافي لم يكن يوما ضد إسرائيل واليهود، لافتا إلى أن يهود ليبيا لم يطردوا منها بل غادروها بمحض إرادتهم.
بالمقابل يبدي رفرام حداد (35 سنة) المنحدر من عائلة أصلها ليبي، عدم اكتراث بما يجري في ليبيا ويقول إنها بلاد صحراوية مملة وتحكم من قبل نظام شمولي غير إنساني.
حداد الذي اعتقل في ليبيا خلال زيارتها العام الماضي خلال محاولته تصوير مقابر يهودية، وأطلق بوساطة أوروبية، يستذكر تعرضه لتحقيق قاس في تاجوراء.
وردا على سؤال الجزيرة نت اكتفى بالقول إنه يتفهم أسف يهود من أصل ليبي على رحيل القذافي لأنه سمح لهم بزيارة البلاد خلسة في رحلات للتعرف على جذورهم، ولم يتعرض لهم ولأملاكهم.
وتابع "كانت هناك مفاوضات متقدمة بينهم وبينه بهدف الحصول على حصتهم من الأموال التي أعلنت إيطاليا عن نيتها قبل عامين تحويلها لليبيا تعويضا عن حقبة استعمار بلادهم".
وتوضح حليمة الحياني (80 سنة) والتي ولدت في طرابلس وهاجرت لفلسطين عام 1952، أن ما يجري في ليبيا اليوم لا يهمها.
وتبدي استغرابها للجدل الدائر في أوساط يهود ليبيا، وتشير إلى أن القذافي قام مؤخرا بهدم كنيس عمره نحو ألفي عام.
جدة القذافي
ولا تزال جيتا بوارين (75 سنة) التي تقيم وعائلتها بمدينة نتانيا الإسرائيلية اليوم، تؤكد أن قرابة دم تربطها مع القذافي وتبدي حزنها على ما آل إليه هو وعائلته، متهمة الثوار بتصفيته وتجريده من الحكم.
وتؤكد أن غصة كبيرة ملأت قلبها حينما شاهدت قناة الجزيرة وهي تنقل قبل أيام حديثا مع نجل القذافي محمد، وقد بدا من صوته أن كل شيء انتهى.
وتتابع القول "ما زلت أذكر صورة القذافي في آخر زيارة له لإيطاليا حيث بدا بزيه الجميل واستقبل استقبال الملوك. إن مصيره لمحزن جدا".
وقالت بوارين في تصريح لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية الاثنين إن الجذور اليهودية للقذافي قصة معروفة لدى أوساط اليهود الليبيين، واستذكرت أن قريبتها اليهودية اعتنقت الإسلام وتزوجت في ليبيا من أحد شيوخ عشائرها.
وذكرت أن المرة الأولى التي سمعت فيها عن جدة القذافي اليهودية كانت من أبيها عندما كانت طفلة في سرت قبل أن تنتقل إلى مصراتة وبنغازي.
الباحثة يهوديت رونين (الجزيرة)
وتابعت "كان والدي يروي على مسامعي أن خالته، وتدعى ديدا، طلقت زوجها
اليهودي لتنكيله بها وما لبثت أن تزوجت من شيخ عربي وأنجبت منه عدة أولاد منهم والدة معمر القذافي".
كما تذكر بوارين نقلا عن والديها أن ديدا ورغم إسلامها ظلت تحافظ على شعائرها اليهودية، وكانت تزور أقاربها وتمنحهم المال وتتبرع به للكنيس.
وتؤكد أنها تتذكر ملامح "الحفيد الشهير" القذافي عندما كان طفلا مشاغبا في السابعة من عمره حينما هاجرت هي وعائلتها من ليبيا عام 1948، وبعدها انقطعت العلاقات مع اليهود المتبقين فيها.
وتقول يهوديت رونين -الباحثة المختصة بليبيا والمحاضرة بجامعة تل أبيب- إن رواية جيتا بوارين لم تفاجئها نظرا للعلاقات الأخوية التي ربطت اليهود والمسلمين في ليبيا وخارجها وقتها.
وردا على سؤال الجزيرة نت، قالت رونين إن القذافي بخلاف تصريحاته المعلنة لم يكن هو وعائلته يناصبون اليهود العداء مطلقا، مشيرة لموافقته على حصول يهود ليبيين على أنصبتهم من أموال التعويضات الإيطالية عن فترة الاستعمار.
أما المؤرخ الإسرائيلي وعضو المنظمة العالمية ليهود ليبيا، يعقوب حجاج ليلوف، فذكر أن لقاء تم في عمَّان بين بعض إدارة المنظمة المذكورة ومندوب شخصي عن القذافي صاحب المبادرة، تناول مقدسات وأملاك اليهود في ليبيا.
وأردف ليلوف "في اللقاء الثاني أحضرت معي نسخة من كتابي حول يهود ليبيا وأهديته للقذافي بعدما وقَّعته ونقلت له حلمي بأن أكون أول سفير لإسرائيل بطرابلس الغرب. ولاحقا علمت أن الأخير قرأه وأمر بترجمته للعربية".
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire