ولم ينس ايلي فيزال ELIE WIESEL،الكاتب الامريكي من اصول يهودية، والحاصل على جائزة نوبل للسلام، تلك الحادثة، وظلت تمثل بالنسبة اليه الدليل القاطع على ان العداء للسامية الذي اججته النازية خلال الحرب الكونية الثانية لا يزال امرا قائم الذات. لذلك هو يعود اليها في روايته الجديدة التي حملت عنوان: «الرهينة» والصادرة عن دار «GRASSET»الفرنسية
بطل هذه الرواية يهودي يشبه اليهودي الذي اختطف في «بروكلين». وهو يدعى «شالتيال» (SHALTIEL). واللذان اختطفاه فلسطيني يدعى احمد، وايطالي مساند للثورات العالمية ويدعى «لويدجي». والرابط الوحيد بين الاثنين هو بحسب ايلي فيزال «كره اليهود» و»معاداة السامية». والهدف من الاختطاف هو المطالبة باطلاق سراح ثلاثة من الفلسطينيين: اثنان معتقلان في السجون الاسرائيلية. والثالث معتقل في سجن امريكي بتهمة المشاركة في جريمة قتل. ويطالب المختطفان الرهينة ايضا بامضاء بيان لادانة اسرائيل. ويقدم ايلي فيزال احمد الفلسطيني في صورة بشعة للغاية. فهو عنيف وعدواني وسريع الغضب. وهو يغتاظ عندما يعلم ان الرهينة ليس من الميسورين ولا من اصحاب الجاه والسلطة، بل هو يهودي عادي بلا أي عقيدة سياسية او غيرها. لذلك تشتد قسوته عليه. ولا يختلف بطل رواية ايلي فيزال الجديدة عن ابطال روياته السابقة. فهو مثلهم، اليهودي المظلوم، والمضطهد (بفتح الهاء)، وضحية العنف والعنصرية والحقد. اما الفلسطيني في هذه الرواية فهو يقدم في نفس الصورة السوداء التي عهدناها لدى ايلي فيزال والتي لم تتغير لا في اعماله الادبية، ولا في مواقفه السياسية والفكريــــــة.
وكان ايلي فيزال المولود عام 1928، والذي ينتمي الى اصول رومانية ـ هنغارية ـ ويكتب باللغة الفرنسية، قد امضى سنوات في المعسكرات النازية، وعاش العذابات والالام التي عرفها اليهود في تلك الفترة القاتمة من التاريخ الاوروبي. لذلك جاءت جل الاعمال التي اصدرها الى حد هذه الساعة، مرسومة بتلك الاحداث والفواجع الاليمة التي عاشها. وهو لا ينقطع عن التجول في جميع انحاء العالم للدفاع عن اليهود، وعن الدولة العبرية، وعن النبش في التاريخ الاوروبي، وفي التاريخ الالماني بالخصوص بحثا عن الجرائم التي ارتكبت في حق ابناء شعبه. ونحن لا يمكننا ان ندينه على موقفه هذا. فهو يهودي ومن حقه الدفاع عن اليهود. غير ان الغريب في الامر، اننا لم نسمعه ولو لمرة واحدة، وهو الحائز على جائزة نوبل للسلام، ينتقد ولو باحتشام الدولة الاسرائيلية والحروب التي لا تنقطع عن شنها ضد الفلسطينيين والمجازر والجرائم التي ترتكبها في حقهم، والمظالم التي تسلطها عليهم يوميا تقريبا. فكل هذا بالنسبة اليه «حق مشروع للدفاع عن نفسها ضد اعدائها المتوحشين». وقد قرأت العديد من الحوارات التي اجريت مع ايلي فيزال حول الصراع الاسرائيلي ـ العربي وقد عاينت انه ثابت في موقفه. فاسرائيل دائما على حق، وهي محاطة بالاعداء من كل الجوانب. لذا عليها ان تدافع عن نفسها بكل الطرق بما في ذلك الطرق غير المشروعة. اما الفلسطينيون، فهم حاقدون، وشرسون، ومتوحشون، ولا تحركهم غير النوازع البدائية، والعنصرية، والاجرامية. وكل العرب على هذه الصورة. وربما بسبب ثباته على مثل هذه المواقف الغريبة، وعلى كرهه الشديد للفلسطينيين وللعرب عموما، نال ايلي فيزال جائزة نوبل للسلام !!
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire