Social Icons

4 décembre 2010

خزائن الرسام ونفائسه تفتح أمام زوّار معرض «روتزوف» وتونس العتيقة

خزائن الرسام ونفائسه تفتح أمام زوّار معرض «روتزوف» وتونس العتيقة

تشهد دار الفنون بالبلفيدير بالعاصمة منذ مساء أوّل أمس حدثا كبيرا وسبقا في مجال الفنون التشكيلية من مستوى عالمي. فلأوّل مرة يطّلع الجمهور الواسع مباشرة على 49 صورة رسمها الفنّان التشكيلي الكبير «ألكسندر روتزوف « Alexandre Roubtzoff «حول شوارع مدينة تونس.  لقد أفرجت أخيرا جمعية ألكسندر روتزوف ( منتصبة جنوبي فرنسا ) المتصرفة في هذه الصّور عن هذه الأعمال التي تعتبر كنوزا نفيسة من حيث القيمة الفعلية والرمزية. وبكل محبّة قام رئيس الجمعية السيد «بول بوغليون « الذي حضر حفل التدشين بهذه الخطوة لفائدة الجمهور التونسي ولفائدة كلّ زائر للمعرض الخاص بهذا الرسام
إحساس مختلف يعتري زائر المعرض. لكأننا نعود بالتاريخ إلى العقود الأولى من القرن العشرين بمدينة تونس. نمعن النظر في الصور التي خطّها «روتزوف» بقلم رصاص طيع ولين  بين أصابعه واستعان في بعض الأحيان بالألوان المائية  فإذا بالصور المعلقة على جدران الطابق الأرضي  بدار الفنون تعج بالحياة والحركة
عالم كامل يهيّج الشوق ويسرح بالخيال في الزمان الغابر خطّه الرسام بلمسة متقنة ورقيقة فإذا المقاهي بالمدينة العتيقة تعج بالجالسين والنارجيلة تحتل موقعها بينهم وإذا بالمعالم الدينية والتاريخية تنتصب أمام الزائر كاشفة عن تفاصيل العمارة وخصوصية الهندسة وإذا بالأبواب التقليدية تذكرنا بالزمن الذي مضى والأنهج والأزقة وعالم سحري نشعر أننا ملكنا مفاتيحه  أو لكأننا أمام كتاب مفتوح يؤرخ للحظة لكن بروح الفنان المنفعل وبقلب الإنسان المفتون بالجمال الذي يراه في المكان أو في تجمع بشري أو في ابتسامة امرأة أو في تفاصيل وجه العجوز ويديها الموشّحة بالوشم  أو في ذلك الجسد الأنثوي الصارخ  إلخ
كان يرى الجمال في تونس
ولكن المفاجآت السارة لا تنتهي عند الطابق الأرضي  بل لعلّ ما ينتظر الزائر بالطابق الأوّل للمكان أكثر إستفزازا لإحساسه بالجمال
تشكيلة من اللّوحات ذات المقاسات الكبيرة في أغلبها تتيح لنا الفرصة ولأول مرة تقريبا أن نقف إزاء ذلك الكم الكبير من اللوحات الزيتية لـ"ألكسندر روتزوف"
كان العرض سيقتصر على الصّور إلا أن السيدة ناريمان بن رمضان مديرة دار الفنون بالبلفيدير والتي تعرف «روتزوف» جيدا ( تعرفه بطبيعة الحال من خلال لوحاته فقد سبق وأن عرضت لوحاته في مناسبات سابقة في معارض جماعية) رأت أن الحدث لن يكتمل في غياب اللوحات الزيتية للرسام. وحدث كهذا استدعى أموالا طائلة فقط لتأمين اللوحات والصور واحتاج إلى ترتيبات خاصة لضمان حسن التنظيم وحضرته عدة شخصيات وطنية وثقافية تطلب بطبيعة الحال تضافر الجهود. وقد اشترك في تنظيم المعرض الذي يتواصل إلى الثاني من جانفي القادم ( بالنسبة للصور في حين تنتهي مدة عرض اللوحات الزيتية يوم 31 من هذا الشهر وفق مدير دار الفنون) كل من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التي قدمت ثلاث لوحات والمعهد الفرنسي للتعاون الذي قدم لوحتين. أما بقية اللوحات فهي تعود لخوّاص من تونس من المهتمين  بتجميع اللوحات
  إنه إن  كانت روسيا شهدت مولد روتزوف  سنة 1884 وإن كان اختار بنفسه  الجنسية الفرنسية منذ سنة 1924 فإنه كان تونسي الهوى إلى يوم رحيله سنة  1949.. كان أثر الطبيعة التونسية مؤثرا في هذا المبدع حيث تبدو الألوان في أعماله مشعّة زاهية  وتكثر فيها بقع الضوء. وكم هي عجيبة تلك القدرة على نقل التفاصيل وتفاصيل التفاصيل في لوحاته  حتى تكاد تكون ناطقة. لكن سرعان ما يزول العجب إذا ما عرفنا أن «روتزوف» خريج كلية الفنون الجميلة بروسيا كان لا يتنقل إلا مرفوقا بكنشه الشهير وبقلمه في يده
تونس قبلته في الحرب والثورة
 يضم المعرض كذلك صورا فوتوغرافية نادرة للرجل إلى جانب صوره في زياراته إلى عدد من مدن البلاد حاملا كنشه وقلّمه كما أن خزانة الوثائق الخاصة بروتزوف تضم كنشه الأول والصورة الأولى التي خطها بالقلم والصورة الأخيرة
وقد مثلت المرأة التونسية موضوعا رئيسيا في أعماله وكان يجد متعة خاصة في إظهار مواطن الجمال عندها في مختلف اللحظات والمواقف التي كان يرسمها فيها. وسواء كانت المرأة البدوية أو المرأة المدنية فإن اللوحة  ترسم بمحبة كبيرة. وإذ تؤكد السيدة ناريمان الكاتب بن رمضان التي كان لنا معها جلسة حول تفاصيل المعرض,إذ تؤكد ذلك فإنها ترى أن حرص روتزوف على رسم المرأة التونسية في كامل زينتها بما في ذلك الحناء والحليّ والأساور يجعله مختلفا عن بقية المستشرقين في تلك الفترة (فيما بين العشرينات والأربعينات بتونس) الذين يصرون بالخصوص على نقل الملابس الرثة والوضع البائس بحثا منهم عن لحظة مثيرة وغير مألوفة لدى جمهورهم ولو كان ذلك على حساب الحقيقة
كان روتزوف وسواء  تعلق الأمر  بالرسم التشخيصي أو بنقل مشاهد من الحياة يرى الجمال حيث قلّب عينه حتى ولو كان عند تلك العجوز المتربعة على الأرض, القدر على النار بجانبها وأمامها قصعة الخضار (شيء منها ملقي على الأرض ) تعدّها
بنات على غرار عربية وعزيزة وسعيدة وجميلة وفاطمة اللاتي كن ينسجن الزربيّة وغيرهن كثيرات صرن من المشاهير بريشته وألوانه
وقد يكون من المهم جدا أن لا ننسى الإشارة إلى أن المعرض حول هذا الفنان الذي لم يرحل قبل أن يهدي تونس التي انتقل إليها بعد «أن فاجأته الحرب العالمية الثانية ثم ثورة 1917  « وفق ما ذكّرت به  مديرة دار الفنون في كلمتها بالمناسبة  وبقي بها إلى النهاية أجمل وأنفس الأعمال التي تعتبر اليوم وثيقة هامة وخير سفير لبلادنا بمدنها وسكانها إلى العالم, لم يكن لينتظم بدون بادرة الرسام التونسي جاك بيريز وفق نفس المصدر 
وقد شهد حفل افتتاح المعرض حدثا ثانيا تمثل في إصدار جاك بيريز ( ذو الأصابع السحرية في رسم البورتريه ) لكتابه الجديد  حول روتزوف وتونس

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Preview on Feedage: tunisia-daily-news Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki