ملف شهداء وجرحى إقليم تونس وولايات بنزرت، نابل، سوسة وزغوان (5)
في إطار تسليط الضوء على ملف شهداء وجرحى ثورة الحرية والكرامة الذين سقطوا على أيدي "بوليس" المجرم بن علي بولايات تونس ومنوبة وأريانة وبن عروس وبنزرت ونابل وسوسة وزغوان في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 ننشر اليوم ما جاء في اعترافات ثلاثة مسؤولين أمنيين أثناء استنطاقهم من طرف حاكم التحقيق العسكري بالمحكمة العسكرية بتونس...
وهم وزير الداخلية السابق أحمد فريعة والعادل التويري المدير العام للأمن الوطني سابقا وعلي بن منصور المتفقد العام للأمن الوطني سابقا.
إعداد: صابر المكشر
مدير الأمن الوطني سابقا أمام التحقيق العسكري
هذا ما حصل في عهد السرياطي وبلحاج قاسم من تجاوزات
جازفت بإعطاء تعليمات تمنع استعمال الرصاص الحي دون أن يقع احترامها
المتفقد العام للأمن الوطني تخاذل في أداء واجبه رغم سقوط القتلى
وجه قاضي التحقيق العسكري بالمحكمة العسكرية بتونس تهمتي المشاركة في القتل العمد مع سابقية القصد والمشاركة في محاولة القتل العمد مع سابقية القصد للمدير العام للأمن الوطني سابقا العادل التويري في قرار ختم الأبحاث في القضية التحقيقية المتعلقة بشهداء وجرحى الثورة بإقليم تونس وولايات بنزرت ونابل وسوسة وزغوان التي جدت أحداثها في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 في انتظار ما ستقرره دائرة الاتهام العسكرية بمحكمة الاستئناف بتونس.
وكان العادل التويري قد أنكر ما نسب إليه ذاكرا أنه ولئن كان يشغل مهام مدير عام الأمن الوطني بوزارة الداخلية في الفترة المتراوحة بين 26 جانفي 2010 الى غاية 19 جانفي 2011 فإنه لم يطلق النار على أي كان من المواطنين ولم يزهق روح أي شخص ولم يشارك في ذلك بأي وجه كان ملاحظا وأنه عايش الفترة الاحتجاجية منذ انطلاق شرارتها الأولى يوم 17 ديسمبر 2010 وإلى غاية فرار المخلوع إلى الخارج يوم 14 جانفي 2011 وتابعها بصفته مديرا عاما للأمن الوطني دون أن يعطي أية تعليمات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ولم يكن له أي دور فيما حصل من عمليات قتل للمحتجين برصاص قوات الأمن الداخلي خاصة وأن منصبه إداري بحت يتمثل في التنسيق بين وزير الداخلية السابق رفيق القاسمي (شهر بلحاج قاسم) وبقية المديرين العامين للأمن العمومي ووحدات التدخل والمصالح المختصة ودون أن تكون له أية صلة بقيادات الحرس الوطني باعتبارهم يخضعون للإشراف المباشر لوزير الداخلية.
عمل إداري لا ميداني
وأكد العادل التويري أن عمله كمدير عام للأمن الوطني إداري بحت إذ لا علاقة له بالميدان ولا يشرف على أية قوات أمنية ميدانية مسلحة وتتمثل مهامه بالتحديد في التنسيق بين وزير الداخلية السابق المتهم رفيق القاسمي وبقية المديرين العامين للإدارات بوزارة الداخلية ورغم ذلك فإنه يعتبر نفسه الرئيس المباشر لكل من المدير العام للأمن العمومي السابق لطفي الزواوي والمدير العام السابق لوحدات التدخل جلال بودريقة والمدير العام للمصالح المختصة السابق رشيد بن عبيد والمتفقد العام للأمن الوطني السابق علي بن منصور والمدير العام للمصالح الفنية السابق الشاذلي الساحلي وذلك على المستوى الإداري فقط أما فيما يتعلق بالميدان فأشار في اعترافاته أمام التحقيق العسكري أنهم يتلقون التعليمات مباشرة في ذلك من وزير الداخلية السابق رفيق القاسمي وذلك ما يحصل بصفة يومية من خلال الاتصال المباشر بين المتهمين المذكورين والمتهم رفيق القاسمي بالهاتف القار أو الجوال ويحصل أن يعلمه مرؤوسوه المذكورون بفحوى التعليمات التي يتلقونها من وزير الداخلية السابق وفي كثير من الأحيان لا يعلمونه بما تلقوه من تعليمات أو حتى بعملية اتصالهم به أصلا.
اجتماع شكلي
ولاحظ العادل التويري أنه حضر اجتماعا التأم بمقر رئاسة الجمهورية أشرف عليه المخلوع بعد عودته من الخارج بمعية كل من رفيق القاسمي وآمر الحرس الوطني السابق محمد الأمين العابد تواصل لمدة ربع ساعة تقريبا تعرض فيه بن علي بصفة إجمالية للحركة الاحتجاجية الشعبية التي بدأت تنتشر بكامل تراب الجمهورية دون أن يستفسر عن عدد القتلى الذين سقطوا أثناء المظاهرات برصاص أعوان الأمن والحرس وعن ظروف حصول ذلك أو عن سبب إطلاق الرصاص الحي وقد فوجئ بموقف المخلوع الذي احتكر الكلمة دون الخوض في ما يحصل فعلا على الميدان وفهم أن ذلك الاجتماع شكلي لا غير ولم تقع معارضة الرئيس السابق خلال ذلك الاجتماع بأن الحل بالنسبة للحركة الاحتجاجية الشعبية يجب أن يكون اجتماعيا وسياسيا وليس أمنيا إذ أن ذلك يعود بالأساس الى دور وزير الداخلية.
وأضاف أن التقارير الأمنية حول ما يحصل بكامل تراب الجمهورية كانت تقدم الى وزير الداخلية السابق رفيق القاسمي من قاعة العمليات المركزية مباشرة صبيحة كل يوم متضمنة لأهم الأحداث الأمنية بالبلاد لفترة الـ24 ساعة السابقة ويحصل في بعض الأحيان أن يطلب الاطلاع عليها فيقع تمكينه من نسخة منها غير أنه لم ترد عليه خلال كامل فترة الاحتجاجات الشعبية في الفترة المتراوحة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 أيّة بطاقات للأحداث الأمنية تتضمن سقوط قتلى برصاص أعوان الأمن أو التدخل أو الحرس الوطني ويعود سبب ذلك لتقديم تلك البطاقات مباشرة لوزير الداخلية باعتباره المعني الأول بسقوط قتلى بين المتظاهرين.
التفقد غائب
وفيما يخص المتفقد العام للأمن الوطني السابق علي بن منصور فقال أنه مكلف بمقتضى مهامه بإجراء تفقدات ميدانية إدارية دون الحاجة لاستصدار أوامر أو إذن مسبق منه ورغم ذلك فهو لم يقم بأية عملية تفقد أو أبحاث إدارية على الميدان منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية الشعبية يوم 17 ديسمبر 2010، ولم يجر تحريات حول المواطنين القتلى الذين سقطوا برصاص قوات الأمن الداخلي خلال الاحتجاجات والمظاهرات وقد استغرب من تخاذله في القيام بمهامه لذلك فقد كلفه بإجراء تفقد وأبحاث ميدانية يوم 8 أو 9 جانفي 2011 حول ما يحصل بمدينة القصرين كما أنه وعلى إثر سقوط قتلى وجرحى برصاص قوات الأمن في يوم 13 جانفي 2011 بمدينة رأس الجبل فقد كلفه المجيب في التاريخ المذكور بالتوجه الى تلك المدينة للقيام بالأبحاث الإدارية شخصيا.
اقتراح
وأوضح العادل التويري في اعترافاته أنه حضر اجتماعا خلال أواخر شهر ديسمبر 2010 مقر وزارة الداخلية الى جانب القيادات الأمنية العليا بوزارة الداخلية المتمثلة في المدير العام للأمن العمومي السابق لطفي الزواوي والمدير العام لوحدات التدخل السابق جلال بودريقة والمدير العام للمصالح المختصة السابق رشيد بن عبيد ومدير قاعة العمليات المركزية السابق العربي الكريمي وآمر الحرس الوطني السابق محمد الأمين العابد وأشرف عليه وزير الداخلية السابق رفيق القاسمي وذكر خلاله للمتهم رفيق القاسمي بأنه من الواجب معالجة الحركة الاحتجاجية الشعبية على المستوى السياسي والاجتماعي دون اللجوء الى الحل الأمني فوعده بتبليغ ذلك المقترح الى من يهمه الأمر كما حضر اجتماعا أمنيا ثانيا في بداية شهر جانفي 2011 حضره الى جانب القيادات الأمنية المذكورة آنفا علي السرياطي والفريق أول رشيد عمار ممثلا عن وزارة الدفاع الوطني وقُدّم خلاله لهذا الأخير مقترح من قبل علي السرياطي أو من رفيق القاسمي بأن يتم تمكين أعوان وحدات التدخل بالقصرين من بدلات قتال تابعة للحرس الوطني لارتدائها حتى يظهروا لأهالي تلك المدينة على أنهم أعوان حرس باعتبار أن أهالي القصرين لا يرغبون في مواصلة تواجد أعوان وحدات التدخل هناك ولكن الفريق أول رشيد عمار رفض ذلك المقترح لإمكانية حصول خلط بين أسلاك قوات الأمن الداخلي دون أن يعلم بأنه تم تجسيم ذلك المقترح في الواقع من عدمه.
وأضاف العادل التويري إن ما فهمه من عبارة «التصدي بكل حزم.. بكل حزم» التي جاءت على لسان المتهم زين العابدين بن علي في خطابه المتلفز، ضرورة إلقاء القبض على المحتجين وإحالتهم على العدالة إلا أنه لا يعرف ماذا كان يقصد من وراء العبارة التي ذكرها في خطابه الموالي «يزي مالكرطوش الحي» خاصة وأنه ليس على علم بأنه سبق له إعطاء تعليمات باستعمال الرصاص الحي من عدم ذلك.
تعليمات
وأكد العادل التويري بأنه ومنذ بداية الحركة الاحتجاجية الشعبية فقد أعطى أوامر عبر قاعة العمليات المركزية بعدم استعمال الذخيرة الحية ضد المتظاهرين المحتجين وقد جازف بإعطاء تلك التعليمات وغايته من وراء ذلك وقف إراقة دماء المتظاهرين المحتجين باعتبار وأنها من المفروض أن تصدر عن المتهم رفيق القاسمي وزير الداخلية السابق باعتبار أن التعليمات بوزارة الداخلية تصدر عن سلطة وحيدة هي المتهم رفيق القاسمي وتكون عبر قاعة العمليات المركزية التي تترك أثرا كتابيا وسمعيا بواسطة التسجيلات أما إذا كانت تلك التعليمات هاتفية باستعمال الهاتف القار أو الجوال فإنها لا تترك أي أثر وقد جرى العمل في فترة وزارة رفيق القاسمي إعطاء هذا الأخير أوامر شفاهية ومباشرة للمسؤولين الأمنيين الجهويين أو المحليين كما أن كلا من المدير العام للأمن العمومي السابق لطفي الزواوي والمدير العام السابق لوحدات التدخل جلال بودريقة يعطيان تعليمات مباشرة في إطار مهام الوحدات الأمنية الميدانية الراجعة إليهما بالنظر بصفة شفاهية عبر الهاتف ولا يقع إعلامه إلا بفحوى التعليمات المتعلقة بوزارات أخرى حتى يتولى مهام التنسيق في شأنها وفيما عدى ذلك فإنه لا يقع إعلامه بأيّة تعليمات شفاهية يعطونها لمنظوريهما.
وأوضح العادل التويري أنه لا يعلم بوجود تعليمات من القيادة الأمنية العليا للبلاد بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين كما أنه وبسقوط بعض القتلى من المتظاهرين في أواخر شهر ديسمبر 2010 فقد أعطى تعليمات بوقف إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المحتجين إلا أنه لم يقع احترام تلك التعليمات وهو ما يفسر سقوط قتلى خلال أوائل شهر جانفي 2011.
هذا وذكر أنه ليس لديه أي تفسير لما حصل على الميدان ولا يعلم إن كان سبب ذلك يعود الى وجود تعليمات مضادة بإطلاق الرصاص الحي أو لا لما حصل فعلا على أرض الواقع من وجود ضرورة قصوى لإطلاق الرصاص في إطار الدفاع الشرعي من أعوان الأمن.
تعليمات بتغيير المسؤولين الميدانيين
وأفاد مدير الأمن الوطني سابقا أنه وفي إطار تعديل الأمور عند حصول أية تجاوزات على الميدان فقد أعطى تعليمات لكل من لطفي الزواوي وجلال بودريقة لتغيير المسؤولين الميدانيين الذين حصلت بمرجع نظرهم أعمال قتل للمتظاهرين بالرصاص الحي ومحاسبتهم وقد تم ذلك إلا أنه لا يعلم إن تمت محاسبتهم إداريا أم لا كما أكد أنه عمل بمصالح رئاسة الجمهورية بداية من سنة 1988 والى غاية 1998 وعلاقته بعلي السرياطي سطحية بالرغم من أنه كان رئيسه في العمل لمدة سنتين مشيرا إلى ان هذا الأخير لم يتدخل في مجال عمله كمدير عام للأمن الوطني إلا أنه يعلم جيدا بأنه يتصل مباشرة ببعض رؤساء المناطق وبالجهات باعتباره يعرفهم شخصيا.
ولاحظ في اعترافاته أن مستوى التنفيذ صلب السلم الهرمي بقوات الأمن الداخلي يبدأ من مدير الإقليم للأمن أو مدير وحدة من وحدات التدخل اللذين من واجبهما الرجوع للمدير العام للأمن العمومي أو المدير العام لوحدات التدخل لاستصدار التعليمات وفيما يخص إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين فقد حصل من الوحدات الميدانية حسب ظروف وملابسات معينة دون استصدار أية تعليمات سابقة في الغرض من القيادات الأمنية العليا بوزارة الداخلية على أن مثل تلك التعليمات هي من صلاحيات رئيس الدولة ووزير الداخلية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire