اختبار وتحد لثوار ليبيا

فاجعة كبيرة حلت بالثوار الليبيين وضربة قاسية تلقوها بمقتل قائدهم العسكري اللواء عبد الفتاح يونس على يد مجموعة مسلحة لم يكشف عن هويتها بعدُ، في ظروف غامضة في أعقاب استدعائه إلى بنغازي من جبهة القتال قرب ميناء البريقة النفطي للمثول أمام لجنة للتحقيق بموضوعات تتعلق بالشأن العسكري.

فبالإضافة إلى الانعكاسات السلبية المرتقبة على معنوياتهم وبالتالي على مستوى أدائهم في جبهات القتال، يثير هذا الحدث غير المتوقع مخاوف من حدوث انقسامات خطيرة طالما عملت قيادة الثوار الليبيين ممثلة في المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي، ونجحت في ذلك بنسبة كبيرة حتى اللحظة، على تفاديها. وما يؤكد جدية هذه المخاوف التسريبات التي روجت على الفور في مناطق الثوار حول أن منفذي عملية اغتيال اللواء يونس تمت على يد مجموعة من الثوار أنفسهم بناء على شبهة في قيامه باتصالات مع نظام القذافي، وهي تسريبات يبدو الهدف منها واضحا، ألا وهو شق وحدة الثوار والحياد بهم عن هدفهم الأساسي المتمثل تحرير ليبيا من براثن حكم الطاغية الحاكم في طرابلس وأفراد أسرته عبر جرهم إلى أتون اقتتال مقيت، في وقت بدأوا يحققون تقدما ملحوظا في جبهات القتال. إنه وفي الوقت الذي لا يستطيع فيه المرء الجزم بعدُ بالمسؤولية المباشرة لنظام العقيد عن هذا الاغتيال، لا يحتاج إلى إقامة دليل القول بأن هذا النظام الذي تجرأ واستهان بأبناء شعبه ووصفهم بـ"الجرذان" ثم لم يتردد في استباحة دمائهم واستعمال أعتى أنواع الأسلحة وأكثرها فتكا ضدهم هوالمستفيد الأول مما حدث أمس، ومما قد يحدث غدا من مآس مشابهة، وبأنه سوف لن يألُ جهدا في حبك المناورات والمؤامرات - وهوالخبير في التمويه والحرب النفسية - لإخراج الثورة الليبية عن مسارها وتحطيمها. ولا شك أن المطلوب من الثوارالليبيين ومجلسهم الوطني الانتقالي بعد هذه الفاجعة غير المتوقعة التحلي بأقصى قدر من ضبط النفس وعدم فسح المجال للشكوك والانقسامات التي يحاول أعداءهم زرعها بينهم، أن تدب في صفوفهم وتدمر كل ما أنجزوه إلى حد الآن في معركتهم لاستعادة الحرية والكرامة من نظام تغطى برداء"الجماهيرية" ليكبلهم ويبدد ثرواتهم الوطنية على امتداد أكثر من أربعين عاما في تمويل جماعات مشبوهة وقضايا خاسرة لا مصلحة أكيدة لليبيا فيها