«الخلوة».. لتوفيق الجبالي
تعديلات في النص ومواكبة لصيقة لتطور الأحداث السياسية في تونسأحدهم يتحدث باسم الأحزاب ويندد وسيدة تنادي بحقوق المرأة وشباب ثائر يرى أن حقوقه هي الأخرى مهضومة، واضطراب وتشنج في انتظار موعد انتخابات المجلس التأسيسي.. أحداث كان قد نقلها توفيق الجبالي على خشبة المسرح في مسرحية الخلوة- في جزئها الأول قبل الانتخابات الأخيرة إثر تصور طريف لما ستشهده البلاد في مراحل متقدمة بروحه الفكاهية المعهودة والكوميديا الهادفة..
وها هو توفيق الجبالي صاحب التصور العام للمسرحية يقوم بتعديلات على نص « الخلوة « بالتعاون مع ثمانية عشر ممثلا أسهموا جميعا في كتابته إثر فوز حزب حركة النهضة ذات المرجعية الدينية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
ورغم التعويل على عناصر ديكور واحدة فإن العرض شهد ديناميكية كبيرة واستخدمت عبارات غالبا ما تتردد في الشوارع التونسية. كما نُقل الإقبال الكبير الذي شهدته مراكز الاقتراعات ومشاركة جلّ الفئات الاجتماعية في العملية الانتخابية حتى المريض العقلي يريد أن يمارس حقّه الانتخابي بطريقته الخاصة ويجبر الجميع على ترديد أغنية من وحي ما يدور حوله تيتا تيتا تيتا بابا جاب وريقة والصندوق يتشتش والأحزاب تفشفش-.
حصة الاسلام السياسي كانت الأكبر في المسرحية
بعد فوز حزب حركة النهضة في الانتخابات الأخيرة وتصدرها الساحة السياسية في البلاد كان من المتوقع أن يوظف توفيق الجبالي العديد من الدلالات والايحاءات التي تحيل الى الوضع الراهن وأن يخوض في مسألة الإسلام السياسي فكان له ذلك ولكن بطريقة لا تخلو من الدعابة. حتى الشيطان كان حاضرا مثلا في عملية الانتخابات. حضور يحمل أكثر من معنى لعله يرمز الى النوايا الخبيثة التي تسعى الى تحقيق مآرب ومصالح شخصية.. ظهرت المنقّبات في هذا العمل المسرحي في كتلة واحدة في مشهد كوريغرافي يذكرنا بمسرحية خمسون- لفاضل الجعايبي. كن يدرن بظهورهن الى الجمهور ويرمين ورقات الاقتراع من فوق رؤوسهن في إشارة الى عزلتهن عن الحياة الاجتماعية أردن ذلك أم لم يردن.. وكأن الجبالي ورفاقه في العمل يختبرون سعة صدر حركة النهضة التي بينت أكثر من مرة وعلى لسان قادتها وزعمائها أنها تحترم حرية التعبير والإبداع مع العلم أن أصحاب العمل كشفوا عن رأيهم بخصوص هذا اللباس وعبّروا عن موقف واضح فهذا اللباس غير مرغوب فيه حسب رأيهم.
عمد أصحاب النص المسرحي كذلك إلى الاشارة الى شخصيات خفية مؤثرة في الحياة السياسية الراهنة..جسدتها شخصية كمال التي تحرك الأحداث من وراء الستار..هكذا يفكك الجبالي المشهد السياسي ويعيد طرحه بطريقة متفردة لا يغيب عنها عنصر الدعابة والنقد الهادف مثلما عهدناه في أعماله الكوميدية الساخرة على غرار كلام الليل- و-مانفستو السرور- أعمال كانت تسخر من الدكتاتورية بصمت لتتحرر نصوصها أكثر وتتعدد الأسئلة حول مستقبل تونس في ظل تغيير القيادات..
مع الاشارة الى أن عرض خلوة- يتواصل الى غاية 26 نوفمبر الجاري وكانت قد عرضت لأول مرة في القصرين التي سرعان ما انخرطت في الثورة الشعبية ومنذ انطلاقة شرارتها الأولى.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire