عن موجة شعر الثورة ووقعه على الشأن الابداعي
يتدثرون بجمل شعرية منمقة لا تحفظها الذاكرةعبد الله مالك القاسمي: نأسف على بروز شعراء كانوا يناشدون النظام البائد ـ بعد ثورة 14 جانفي المجيدة، ثورة الشباب كان من المنتظر أن تكتسي الساحة الثقافية أبعادا مغايرة عن السابق وتحلق بالمجال الابداعي عاليا لتظفر بالرقي الذي من شأنه أن يزيدنا فخرا واعتزازا برهاننا.. لا أن الشأن الثقافي مازال يشكو للاسف نوعا من التكلس بالرغم من الجهود المبذولة وتعدد الاعمال في الموسيقى الهادفة والمسرح والسينما والشعر الثوري..
وقد أردنا في هذا المضمار ان نركز على شعر الثورة والمقاومة الذي بدا يغزو ساحتنا بعد الثورات العربية ليولد من جديد من رحم كل مظاهر القمع والاستبداد..
ولانه لكل شاعر رأي خاص في مسألة توظيف الشعر للحديث والتأريخ للثورة ولانه لكل موقفه من مدى وقع هذه الاشعارعلى الشأن الإبداعي..
شعر الثورة لم يوجد بعد
سألنا الشاعر المنصف المزغني باعتباره مديرا لبيت الشعر بتونس عن مدى أهمية شعر المقاومة في هذا الظرف الحساس خاصة ونحن مازلنا نعيش نوعا من الضبابية والتصحرعلى مستوى الابداع والفنون.. فأشار شاعرنا الى ان شعر الثورة لم يوجد بعد وثمة العديد من القصائد التي انتجت بصورة استعجالية وان ما كتب قبل الثورة أصدق مما يكتب الآن.. ذلك ان انتاج القصيدة يأتي بعد فترة"اختمار" ونضج لتكون القصائد الثائرة شكلا ومضمونا بمثابة النقل الصادق للاحداث في صور وايحاءات وعبر تظل خالدة عبر الزمن.. وأضاف المزغني ان ثورة القصيدة ثورة في شكلها وثورة في مضمونها، ونحن قد نفتقد "الجمرة الشعرية" التي تخص الشكل.. فالثورة تستدعي شكلا ثوريا وما نسمعه الآن هو شعر سريع مكتسب ولكنه مهم سياسيا..
وشبهه محدثنا بشعر الصحافيين وكانهم ينقلون خبرا ما.. فالشعر نشاط فردي وكل شعر جميل وهادف يمثل حربا على الرداءة..
وفي تساؤلنا عن غياب الشعراء في تونس عن ساحة الاحداث السياسية والثقافية، رأى المزغني ان الاعلام هو السبب وهو من اخلى الساحة من الشعراء:"فنحن لا نجد هذه الايام سوى المحامين والقضاة الذين يتصدرون المشهد الاعلامي.."
اما الشعر المطلوب عقب هذه التغييرات التي شملت العالم العربي فنجده عند الاحياء والاموات وخير دليل على ذلك ان الشعب التونسي احتاج الى قصيدة كتبت سنة1933 ألا وهي "ارادة الحياة" للشابي.. فنحن لا نحتاج الى حضور أجساد الشعراء وإنما أعمالهم الخالدة التي تركت وقعا كبيرا في النفوس وغيرت مصير الشعوب.. شرط ان نحسن عملية النبش في الذاكرة..
وفي حديثنا عن الأعمال المتجددة للشاعر منصف المزغني، قال انه قدم برنامجا رمضانيا لوزارة الثقافة وهو بانتظار الدعم..
الشاعر عبد الله مالك القاسمي وفي اجابة عن نفس السؤال أكد على ان الشعر حالة إنسانية وكون من المشاعر والاحاسيس الصادقة لا ان يتقيد بشروط فنية اوسياسية.. وشعر الثورة بالأساس هو بمثابة حركة إنسانية نبيلة نابعة من نضج فكري وصدق عميق.. وأضاف:"وما نأسف عليه حقا هذه الايام بعد ثورتنا المباركة هو بروز شعراء كانوا يناشدون النظام البائد ويمجدون رموز الفساد ليبرزوا من جديد وهم يتدثرون جملا شعرية منمقة فيها نفس ثوري غالبا ما يمحي من الذاكرة في لمح البصر..
وما من شك في أن الحل في مثل هذه الظروف هو إعطاء فرصة للشعراء الشباب وخلق مجال أوسع للابداع وتشجيع كل ما من شأنه ان يساهم في رقي البلاد والنهوض بها نحو الافضل..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire