قبل أسابيع من انطلاق امتحان الباكالوريا يتجدد السيناريو المألوف داخل معظم العائلات التونسية والمتمثل في التسابق من أجل الظفر بخدمات مدرسي المواد الأساسية والانتفاع بها في إطار ما يعرف بالدروس الخصوصية التي تنتعش تجارتها بصفة خاصة في مثل هذه الفترة التي تسبق مارطون -الباك- وبطبيعة الحال مع اشتداد حمى هذه الدروس تنتفخ قيمة أسهم الحصص الموازية في مختلف مجالات التعلم بما في ذلك التربية البدنية التي دخلت على خط سوق الدروس الخصوصية في السنوات الأخيرة وأصبح «الدوباج» في الرياضة موضة يلهث وراءها الجميع للحصول على أرفع عدد ممكن في اختبار الرياضة. |
الأدهى أن الأولياء انصاعوا إلى رغبات أبنائهم وانطلقوا في رحلة البحث عن قاعة رياضة كلفهم ذلك ما كلفهم وقد بلغ سعر هذه الحصص الأربعين دينارا تضاف إلى قائمة مصاريف بقية الحصص التي تتضاعف معاليمها تسخينا للبكالوريا بما يجعل من اللجوء إلى الاقتراض الحل الوحيد المتاح أمام عدد من الأولياء لتحقيق رغبة الأبناء وكذلك رغبتهم في محاكاة الآخرين والانخراط في دوامة الدروس الخصوصية التي تستنزف من العائلة معدل 150د معلوم أربع حصص في مادتين أساسيتين فقط يقع تقديمهما في مستودع أو محل مسوغ للغرض وغالبا ما يتضاعف هذا السعر جراء رغبة التلميذ في متابعة أكبر عدد من الحصص في المادة الواحدة ويتم بموجب ذلك استنزاف المعلوم الشهري المتفق عليه في أسبوع واحد وبالتالي إنهاك ميزانية الأسرة وإرباكها وطبعا عن ثقل معاليم الدروس التي تقدم في بيت التلميذ حدّث ولا حرج.. في خضم هذا السباق نحو الظفر بالشهادة التي ستفتح أمام أصحابها أبواب الجامعة يطرح التساؤل عن مدى وجاهة هذه الدروس الموازية ومدى الحاجة لها كسند تربوي تحول إلى ما يشبه اكسيرالنجاح لدى الكثيرين وإلى شماعة يعلق عليها البعض الآخر فشله في حال عدم الانسياق في متاهاتها كما يطرح التساؤل نفسه حول عزوف جانب من التلاميذ عن دروس التدارك المنظمة داخل المعاهد وإقبالهم اللافت للنظر على الدروس الخصوصية؟ الباحث في علم الاجتماع التربوي طارق بلحاج محمد صاحب دراسة حول «السنوات النهائية ومسألة الإسناد التربوي» أوضح في تصريح لـ «الصباح» بأن السنوات النهائية ومنها البكالوريا على أهميتها في المنظور العائلي والتربوي لا يجب أن يسود الاهتمام بها في معزل عن المراحل التعليمية السابقة وفي قطيعة عنها، ومرافقة التلميذ يتعين أن تستهدف بناء وتنمية شخصيته توازيا مع السعي إلى النجاح بعيدا عن هستيريا التميز عن الآخر ونحت صورة اجتماعية «برستيج» للمفاخرة والتبجح وهو ما يجعل البحث عن أيسر السبل الوسيلة المنشودة لتحقيق الأهداف المرسومة وتتخذ في موضوع الحال الدروس الخصوصية حبل النجاة الذي يتمسك به الكثيرون لتجاوز العقبة الأخيرة في حلقة الدراسة الثانوية فيما كان يفترض أن تدخل آليات الإسناد التربوي بمختلف أشكالها تقاليد التلميذ والعائلة من خلال تدريبه منذ المراحل الأولى على الاستفادة من المرافقة التربوية الأسرية وصلب الفضاءات العمومية من مكتبات ونواد ثقافية وشبابية ومنتديات لا أن يقتصر الأمر على الدروس الخصوصية بمقابل. ومادام الأمر قد وصل نقطة ألا عودة سألنا المتحدث عن تقييمه لواقع الحال ولاجتياح مفارقة هوس الدروس الموازية معظم البيوت وسط تذمرات من عبئها المالي الثقيل على العائلة ؟وهل يتحمل مسؤوليتها طرف دون آخر؟ لم يخف المستجوب الجانب الهستيري لهذه الظاهرة التي سكنت المربي كما الولي والتلميذ وإدارة المؤسسة التربوية. بالنسبة للأولياء تمثل البكالوريا واجهة اجتماعية راقية للعائلة لا يترددون في التضحية بالغالي والنفيس من أجلها وهي مظهر تباه ومفاخرة أمام الناس ويكون الاستثمار في النجاح أداة للمحافظة على صورة اجتماعية معينة لا يبخلون فيها بتقديم الدعم المادي لأبنائهم لاجتياز هذا «الامتحان الاجتماعي»بنجاح عبر الالتجاء للدروس الخصوصية وهكذا تصبح السوق الموازية محل ترحيب وقبول من جهة التلميذ تتحول هذه الدروس إلى قاعدة بدل الاستثناء وتصبح مصدرا رئيسيا لاكتساب المعلومات وتراكم المعارف على حساب المدرسة. وبالنسبة إلى بعض المربين تعد وسيلة لتحسين الوضع المادي والاجتماعي وبخصوص العزوف عن دروس التدارك أشار بلحاج محمد إلى أن بعض العائلات من فئات معينة تنظر إليها كإعانة اجتماعية على خلفية كلفتها الزهيدة مقارنة بالخصوصية وهو مايدفع بها لمقاطعتها والتباهي بدفع الكثير في دراسة أبنائها ليكون دليلا على رفاهها المادي وانتمائها الاجتماعي. |
8 avril 2010
من المواد العلمية الي التربية البدنية :الباكالوريا تنعش بورصة الدروس الخصوصية
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire